والمراد منه : الفقيه الجامع لشرائط الفتوى (١).
وقد رأينا هنا (٢) ذكر مناصب الفقيه امتثالا لأمر أكثر حضّار مجلس المذاكرة ، فنقول مستعينا بالله :
للفقيه الجامع للشرائط مناصب ثلاثة :
أحدها : الإفتاء (*) فيما يحتاج إليه العاميّ (٣) في عمله. ومورده (٤) المسائل الفرعيّة (٥) والموضوعات الاستنباطيّة (٦) من حيث ترتّب حكم فرعيّ عليها.
ولا إشكال ولا خلاف في ثبوت هذا المنصب (٧) للفقيه ، إلّا ممّن (٨) لا يرى
______________________________________________________
(١) التي عمدتها الاجتهاد والعدالة ، وأكثر ما عداهما من الشرائط مبني على الاحتياط كما قرّر في محلّه.
(٢) أي : مبحث ولاية الفقيه الذي هو من مباحث أولياء التصرف.
(٣) وهو من لم يبلغ رتبة الاجتهاد وإن كان له حظّ من العلم.
(٤) أي : ومورد الإفتاء ـ الذي هو أحد المناصب الثلاثة للفقيه ـ المسائل الفرعية.
(٥) وهي الأحكام الخمسة التكليفية ، وكذا الأحكام الوضعية.
(٦) كالغناء والآنية والمفازة ، فإنّها ـ لترتب الأحكام الفرعية عليها ـ تكون موردا لإفتاء الحاكم الشرعي. وأمّا الماهيات المخترعة الشرعية كالصلاة والصوم ونحوهما فهي بأنفسها مورد للإفتاء كنفس الأحكام الشرعية ، لأنّ ماهياتها مأخوذة من الشارع كأحكامها.
(٧) وهو الإفتاء ، حيث إنّ الفقيه هو العالم بالأحكام ، فهو المرجع فيها.
(٨) وهو بعض الأخباريين المانع عن التقليد ، وبعض الأصوليين القائل بوجوب الاجتهاد عينا (١).
__________________
(*) ليس نفس الإفتاء والإخبار عمّا اعتقده من الفتوى ـ كما هو ظاهر العنوان «الأحكام» ـ مرادا ، بل المقصود حجية الفتوى ، وجواز أو وجوب العمل بها.
__________________
(١) نقلنا بعض كلماتهم في شرحنا على الكفاية ، فراجع منتهى الدراية ، ج ٨ ، ص ٥٢٦.