لم يجز إجراء الأصول ، لأنّها (١) لا تنفع مع التمكّن من الرجوع إلى الحجّة ، وإنّما تنفع (٢) مع عدم التمكّن من الرجوع إليها (٣) لبعض العوارض.
وبالجملة : فلا يهمّنا التعرّض لذلك (٤) ، إنّما المهمّ التعرّض لحكم ولاية الفقيه بأحد الوجهين المتقدّمين (٥) ، فنقول :
أمّا الولاية (٦) على الوجه الأوّل ـ أعني استقلاله في التصرّف ـ فلم يثبت بعموم عدا ما ربما يتخيّل (٧) من أخبار واردة في شأن العلماء ،
______________________________________________________
(١) أي : لأنّ الأصول لا تجري مع التمكن من الرجوع إلى الحجة ورفع الشبهة بها.
(٢) يعني : وإنّما تنفع الأصول العملية مع عدم التمكن من الرجوع إلى الحجة.
(٣) أي : إلى الحجة لبعض العوارض كالتقية ، أو الحبس الموجب لحرمان الشيعة عن التشرف بمحضره الشريف.
(٤) أي : لثبوت ولاية الإمام عليهالسلام بل لا ينبغي لنا التعرض لذلك.
(٥) وهما : الاستقلال في التصرف ، واشتراط تصرف الغير بإذنه.
(٦) المراد بالولاية التي يبحث عن ثبوتها للفقيه وعدمه هو الاعتبارية التشريعية دون التكوينية التي هي من لوازم ذواتهم النورية ، وليست من المناصب المجعولة الشرعية ، ولا ملازمة بينهما ، ولذا لا تكون الولاية التكوينية للفقيه ، وليس لأحد ادّعاء ذلك ، وإن قلنا بثبوت الولاية المجعولة شرعا له.
كما أنّه لا سنخية بينهما ، لكون التكوينية حقيقية ، والتشريعية اعتبارية ، فهما متباينتان. فلا يقال : إنّ الولاية التكوينية التي هي أشد تستلزم الولاية التشريعية التي هي أضعف بالأولوية. بل ثبوتها محتاج الى الدليل ، ولا تثبت بالأولوية المذكورة ، لتوقفها على اندراجها تحت حقيقة واحدة ليجري فيها التشكيك بالشدة والضعف.
ما استدل به على ولاية الفقيه بمعنى الاستقلال في التصرف
(٧) المتخيّل هو الفاضل النراقي قدسسره ، حيث إنّه جعل وظيفة الحاكم الشرعي في مقامين : «أحدهما : أنّ كلّ ما كان للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والامام عليهالسلام فهو للفقهاء ، إلّا ما أخرجه الدليل. وثانيهما : أنّ كل فعل متعلّق بأمور العباد في دينهم أو دنياهم ، ولا بدّ من الإتيان به