ويدلّ عليه (١) ـ بعد صحيحة إسماعيل بن سعد المتقدّمة ، بل (٢) وموثّقة زرعة ، بناء على إرادة العدالة من الوثاقة ـ : أنّ (٣) عموم أدلّة القيام بذلك المعروف لا يرفع اليد عنه بمجرّد تصرّف الفاسق ، فإنّ وجوب إصلاح مال اليتيم (٤) ومراعاة غبطته لا يرتفع عن الغير بمجرّد تصرّف الفاسق.
ولا يجدي هنا (٥) حمل فعل المسلم على الصحيح ،
______________________________________________________
(١) أي : على اشتراط العدالة في المتصدّي لأمور القاصرين.
(٢) أشار به إلى : أنّ في موثقة زرعة احتمالا آخر ، وهو : إرادة الوثاقة والاطمئنان لا العدالة. فالموثقة دليل على اعتبار العدالة في المؤمن المتصدّي لأمور القاصرين بناء على إرادة العدل من الثقة.
والظاهر أنّ «بل» هنا إمّا لمجرّد العطف ، وإمّا للانتقال من دلالة الصحيحة إلى دلالة الموثقة ، فإن الانتقال من غرض إلى غرض آخر ـ لا الإبطال ـ عدّ معنى لهذا الحرف (١).
(٣) جملة «انّ» مع اسمها وخبرها مرفوعة محلّا ، لكونها فاعلا لقوله : «ويدل عليه».
وهذا ثاني وجهي اعتبار العدالة في المتصدّي لأمور القاصرين بالنسبة إلى ترتب حكم الغير على الفعل الصحيح الصادر من العامل ، كسقوط صلاة الميّت عن غير المصلّي.
ومحصل هذا الوجه الثاني : أنّ الفاسق وإن جاز له التصرف بمقتضى عموم أدلة القيام بذلك المعروف ـ كبيع مال اليتيم ـ إلّا أنّه لا يسقط تكليف السائرين بإصلاح مال اليتيم بمجرّد تصرف الفاسق ، مع الشك في كون تصرفه إصلاحا لمال المولّى عليه القاصر. وأصالة الصحة لا تثبت كون التصرف إصلاحا لمال الطفل حتى يجوز للمشتري الشراء ، لأنّ الشك هنا في أصل الوجود ، لا في صحة الموجود ، حيث إنّ المأمور به هو الإصلاح الذي يكون مشكوك الوجود ، والأصل المصحّح لا يثبت أصل الوجود.
فالنتيجة : أنّ مجرد تصرف الفاسق لا يرفع التكليف عن الغير.
(٤) أو غيره من القاصرين ، فإنّ وجوب إصلاح ما لهم ثابت على الكل كفاية.
(٥) أي : بيع الفاسق وشراء الغير منه. وهذا إشارة إلى وهم ودفع.
__________________
(١) راجع مغني اللبيب ، ج ١ ، ص ١٥٢.