وقد احترزوا بهذا الشرط (١) عمّا لا ينتفع به منفعة مقصودة للعقلاء ، محلّلة (٢) في الشرع ، لأنّ (٣) الأوّل (٤) ليس بمال عرفا كالخنافس والديدان ، فإنّه (٥) يصحّ عرفا سلب المصرف لها ، ونفي الفائدة عنها. والثاني (٦) ليس بمال شرعا كالخمر والخنزير.
ثمّ قسّموا عدم الانتفاع (٧) إلى ما يستند
______________________________________________________
(١) أي : شرطية مالية العوضين.
(٢) نعت ل «منفعة» وهذا القيد لإخراج المالية العرفية فقط ، حيث إنّها لا تكفي في ترتيب الآثار الشرعية وإن كان فيه الخصوصية الموجبة للمالية العرفية ، فإنّ وجودها مع النهي الشرعي كعدمها في عدم المالية شرعا ، فهو في ترتب الأثر كعدم المال عرفا.
(٣) تعليل للاحتراز ـ بشرطية المالية في العوضين ـ عمّا لا ينتفع به منفعة مقصودة للعقلاء ، وحاصل التعليل : أنّ ما لا ينتفع به كذلك ليس بمال عرفا كالخنافس والديدان ، والمفروض اعتبار المالية في العوضين.
(٤) وهو ما لا ينتفع به منفعة مقصودة للعقلاء.
(٥) الضمير للشأن ، وغرضه إثبات مجازيّة استعمال «المال» ـ فيما لا ينتفع به منفعة مقصودة للعقلاء ـ بصحة السلب التي هي من علامات المجاز ، لوضوح صحة سلب المال عن الخنافس والديدان ، حيث إنّ سلب المصرف عنه ـ أي سلب الحاجة عنه الذي هو ممّا يتوقف تحقق مفهوم المال عليه ـ يكشف عن عدم كونه مالا عرفا.
(٦) معطوف على «الأوّل» والمراد بالثاني قوله : «محلّلة في الشرع» فإنّ الخمر والخنزير وإن كانا مالا عرفا ، لكنهما ليسا مالا شرعا ، ولذا لا تصحّ المعاملة بهما.
(٧) هذا التقسيم ناظر إلى منشأ عدم الانتفاع ، فإنّ منشأه إمّا خسّة الشيء كالحشرات ، وهي هوامّ الأرض وصغار دوابّها. وإمّا قلّته كحبّة حنطة وشعير وعدس ونحوها ، فإنّ الحبّة منها ملك وليست مالا ، إذ النسبة بين المال والملك عموم من وجه ، لاجتماعهما في الدور والدكاكين ونحوهما ، فإنّها مال وملك ، وافتراقهما في المباحات الأصلية كالحيتان والمعادن قبل حيازتها ، فإنّها أموال وليست أملاكا. وفي الحبة من الحنطة ونحوها ، فإنّها ملك وليست مالا ، فيفترقان.
ثم إنّ هذا التقسيم يستفاد ممّا فرّعوه على اشتراط المنفعة والملك ، ففي التذكرة :