وعن (١) التذكرة أنّه لو تلف لم يضمن أصلا.
واعترضه (٢) غير واحد ممّن تأخّر عنه بوجوب ردّ المثل.
والأولى (٣) أن يقال : إنّ ما تحقّق أنّه ليس بمال عرفا ،
______________________________________________________
دعواه آنفا من السيد العاملي ، لأنّ حدّ الغصب ـ وهو الاستيلاء على ما للغير من مال أو حقّ عدوانا ـ صادق عليه. فالحبّة من الحنطة مثلا تضمن ، لكن لا تباع ، لعدم ماليتها.
ولا تنافي بين الضمان وعدم جواز البيع ، لأنّ موضوع الضمان الاستيلاء على مال الغير أو حقّه. ومن المعلوم أنّ الحبّة لو لم تكن مالا وملكا لكن تكون متعلّقة للحق ، وهو حقّ الاختصاص ، وذلك كاف في ثبوت الضمان. بخلاف البيع ، لاعتبار المالية في العوضين ، والمفروض عدم مالية الحبّة ، فلا يجوز بيعها.
(١) الغرض من نقل كلام التذكرة بيان منافاته للإجماع المدّعى على حرمة غصب حبة حنطة أو زبيبة ، وضمان الغاصب ، فالعلّامة يظهر منه التفصيل ، فيقول بحرمة أخذ الحبّة ووجوب ردّها ، لكن لا ضمان لعدم تموّلها. قال في التذكرة : «ومع هذا فلا يجوز أخذ حبة من صبرة الغير ، فإن أخذت وجب الرد ، فإن تلفت فلا ضمان ، لأنّه لا مالية لها» (١).
(٢) يعني : واعترض على العلّامة قدسسره غير واحد ممّن تأخّر عنه : بوجوب ردّ مثل الحبّة ، فالضمان في غصب الشيء القليل الذي لا مالية له ثابت ، خلافا للعلّامة قدسسره (٢).
(٣) هذا تحقيق المصنف في اشتراط التموّل ، يعني : والأولى أن يقال ـ في اعتبار مالية كلّ واحد من العوضين ـ : إنّ هنا وجوها ثلاثة :
أحدها : أن يحرز عدم مالية شيء عرفا كالخنافس والديدان. وحكمه عدم جواز جعله أحد العوضين في البيع بلا إشكال ولا خلاف.
ثانيها : أن لا يحرز عدم ماليته ، بأن كانت مشكوكة ، وهو يتصور على وجهين :
أحدهما : حكم العرف فيه بكون بذل المال في مقابله وعوضا منه أكلا للمال
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ، ج ١٠ ، ص ٣٥.
(٢) كما في الدروس ، ج ٣ ، ص ٢٠١ ، جامع المقاصد ، ج ٤ ، ص ٩٠ ، مجمع الفائدة والبرهان ، ج ٨ ، ص ١٦٧ ، جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣٤٧ ، وفي مفتاح الكرامة كما تقدم آنفا.