والخيار (١)
______________________________________________________
(١) معطوف على «النذر» قال في المقابس : «الثاني عشر : ثبوت الخيار للبائع أو للمشتري ، أو كليهما ، أو غيرهما. أمّا الأوّل ـ وهو ثبوت الخيار للبائع خاصة ـ فإنّه يمنع من تصرّف المشتري في المبيع بنقله أو نقل منافعه أو تعريضه لذلك كالرهن ، وإن كان ملكا له وجاز له الانتفاع بغير النقل كما هو الأصح ، وإنّما منع من النقل ، لمنافاته حقّ البائع من الخيار ، فلا ينفذ كما نصّ عليه العلّامة في القواعد» (١).
وتوضيحه : أنّهم اختلفوا في كون متعلّق الخيار هو العقد ، فلا أثر لبقاء العوضين وتلفهما في ثبوته ، أم هو العوضين. وتفصيل هذا البحث موكول إلى أحكام الخيار إن شاء الله تعالى. لكن لا بدّ من بيان المطلب إجمالا ، والوجه في عدّ حقّ الخيار من موانع الطّلق ، أو من أسباب نقص الملك ، فنقول :
بناء على قيام حق الخيار ابتداء بنفس العوضين ، فوجه منع من عليه الخيار من التصرف المنافي لحقّ ذي الخيار في المدّة المضروبة واضح ، لكون تصرفه تضييعا لحقّ محترم ، فلا ينفذ كما نقله صاحب المقابس عن العلّامة.
وبناء على قيام حق الخيار بالعقد ، كما لعلّه المستفاد من تعريفه بأنّه «ملك فسخ العقد وإقراره» فلأنّ من له الحق وإن جاز له الفسخ ، سواء أكانت العين باقية فيستردها ، أم تالفة فيستردّ بدلها ، ولا يتوقف استيفاء الحق على بقاء العين ، إلّا أنّ العقد المتعلّق للخيار له تعلّق بالعوضين من حيث إرجاعهما إلى مالكيهما بحلّ العقد ، فلا يجوز لمن عليه الخيار التصرف المنافي لحقّ ذي الخيار ، ولا ينفذ.
هذا بالنسبة إلى كافة أقسام الخيار. وقد يجب على من عليه الخيار إبقاء العين في المدة المضروبة من باب وجوب الوفاء بالشرط الضمني ، كما في بيع الخيار ـ المبحوث عنه في خيار الشرط ـ من أنّه لو شرط البائع على المشتري حفظ المبيع في المدة المعيّنة ليتمكّن من استرداده بعد ردّ الثمن إلى المشتري ، لزمه الوفاء به ومنع من التصرف فيه.
ثم إنّ صاحب المقابس بعد نقل كلمات القوم ، قال : «ولا يبعد أنّ للمشتري نقله عن الملك وعتقه ، ويصحّ ، ولا يتوقف على إجازة ذي الخيار .. ولكنه لا يجوز الإتلاف ،
__________________
(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ١٢٠.