ورواية (١) أبي علي بن راشد ، قال : «سألت أبا الحسن عليهالسلام قلت : جعلت فداك ،
______________________________________________________
(١) معطوف على «عموم» وهذا دليل ثالث على حرمة بيع الوقف ، وهو ما رواه ثقة الإسلام عن محمّد بن جعفر الرزاز عن محمد بن عيسى عن أبي علي بن راشد ـ وهو الحسن بن راشد ـ عن الإمام الهادي عليهالسلام. والظاهر اعتبار هذا السند ، لوثاقة رواته ،
__________________
وأمّا عدم جواز بيعها فليس في عداد تلك الجهات المجعولة من الواقف ، إذ لو كان كذلك فلازمه جواز اشتراط بيعها أيضا ، لأنّ الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها. فإذا وقفها على أن تباع رأس خمسين سنة ينفذ هذا الشرط ، مع أنّه واضح البطلان ، إذ المقصود إثبات عدم جواز البيع في نوع الوقف ، لا في شخصه.
والحاصل : أنّ ظهور مثل قولهم عليهمالسلام : «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها» في إمضاء مجعولات الواقفين الخارجة عن حقيقة الوقف ومفهومه ، وعن المجعولات التي جعلها الشارع ، ممّا لا سبيل إلى إنكاره. فمثل هذا الدليل مساق لدليل إمضاء الشروط الذي هو أجنبي عن أدلة نفوذ أصل المعاملة ، مثل (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) و (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وغيرهما.
وقد ظهر مما ذكرنا ضعف ما في بعض الحواشي من الاستدلال بعموم «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها» بتقريب : أنّ حقيقة الوقف هي التحبيس والمنع عن خروج العين الموقوفة عن الحبس ، وكونها غير قابلة للبيع وغيره من التصرفات الناقلة ، والواقف لمّا أنشأ هذا المفهوم والتزم به وبنى عليه ، فالشارع أمضى هذا البناء والالتزام بمثل الحديث المزبور ، هذا.
وجه ضعفه : أنّ دليل إمضاء هذا البناء هو «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» ونحوه ممّا يدلّ مطابقة على وجوب الوفاء بعقد الوقف ، لا ما جعله الواقف في ضمن الوقف.
فالأولى جعل مثل هذا الحديث من أدلّة إمضاء الكيفيّات المجعولة من الواقفين ، لا من أدلة إمضاء نفس عقد الوقف. والنصوص الخاصة الدالة على عدم جواز بيع الوقف ـ كرواية أبي عليّ بن راشد ـ كافية في المطلب.