لتسلّطه المنافي (١) لجواز انتزاعه (٢) من يده ، ومع ذلك يجوز مخالفته وقطع سلطنته عنه ، فتأمّل (٣).
إلّا أنّه (٤) ذكر بعض في هذا المقام : «أنّ الّذي يقوى في النظر ـ بعد إمعانه ـ أنّ
______________________________________________________
(١) صفة للتسلط ، وقوله : «المقتضي» صفة ل «تمليك المتهب».
(٢) أي : انتزاع الموهوب من يد المتّهب.
(٣) لعلّه إشارة إلى الفرق بين الوقف والهبة ، بأنّ حقيقة الوقف هي الحبس عن التصرّفات الاعتباريّة من البيع وغيره ، وعن الحركة من ملك إلى ملك ، إلّا الحركة في ملك البطون على حسب ما أنشأه الواقف. وهذا بخلاف الهبة. فإنّ مفهومها كمفهوم البيع هو أصل التمليك ، ويكون اللزوم والجواز حكمين شرعيّين مترتبين عليهما ، كما تقدّم في مسألة لزوم المعاطاة بقوله : «فجواز الرجوع وعدمه من الأحكام الشرعيّة للسبب ، لا من الخصوصيات المأخوذة في المسبب ..» فراجع (١).
وعليه فليست الهبة ـ من حيث اللزوم والجواز ـ نظيرا للوقف.
وأمّا ما أفاده المصنف في ما يقتضيه الوقف ـ بناء على كونه تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة ـ وعدم بطلانه بطروء المجوّز ، فهو تامّ لا شبهة فيه.
(٤) استدراك على قوله : «إنّ جواز البيع لا ينافي الوقف إلى أن يباع» والضمير للشأن. وغرضه نقل كلام صاحب الجواهر تبعا لشيخه كاشف الغطاء ثم المناقشة فيه ، وينبغي الإشارة إلى أمور لتوضيح ما في الجواهر.
الأمر الأوّل : أنّ الوقف ـ كما في النبوي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ تحبيس الأصل. وحيث إنّ «الحبس» من المعاني ذات التعلّق والإضافة ، فالمحبوس عنه هو التصرفات الناقلة ، والحركة من ملك شخص إلى ملك شخص آخر ، إلّا بالنسبة إلى البطون التي جعل الواقف حركة العين فيها. فالمنشأ بصيغة الوقف منع النقل والمعاوضة بالبيع والصلح ونحوهما. وبما أنّ الشارع أمضى إنشاء الواقف كان إمضاؤه له منعا اعتباريا عن
__________________
(١) هدى الطالب ، ج ١ ، ص ٤٩٢.