لأنّ (١) جميع ذلك صار بالوقف كالمباحات بالأصل ، اللازم إبقاؤها على الإباحة كالطرق العامّة والأسواق (١).
وهذا كلّه (٢) حسن على تقدير كون الوقف فيها فكّ ملك ، لا تمليكا.
ولو أتلف (٣) شيئا من هذه الموقوفات أو أجزائها متلف ، ففي الضمان وجهان :
______________________________________________________
(١) هذا مضمون تعليل صاحب المقابس لإلحاق المشاهد ونحوها بالمساجد حكما.
(٢) أي : وهذا الإلحاق حسن بناء على كون معنى الوقف فيها فكّ الملك ، لا تمليك العين أو المنفعة للموقوف عليه ، وإنّما يملك الانتفاع. وربما يشعر قوله : «على تقدير» بعدم كون وقف الأمور المذكورة فكّ الملك ، فيكون مفاده التأمّل في إلحاق صاحب المقابس.
ولكنه ليس كذلك ، لما تقدم منه من التصريح بالتحرير ، كقوله في (ص ٥٤٠) : «بل هو في غير المساجد وشبهها قسم من التمليك» إذ ليس المراد بشبه المسجد إلّا المقابر والمشاهد ونحوهما.
وكذا قوله في (ص ٥٧٤) في أقسام الوقف : «بل يكون فك ملك نظير التحرير كما في المساجد والمدارس والرّبط بناء على القول بعدم دخولها في ملك المسلمين كما هو مذهب جماعة ، فان الموقوف عليهم إنما يملكون الانتفاع دون المنفعة».
(٣) عنون هذا الفرع صاحب المقابس قدسسره بعد إلحاق الأوقاف العامة على الجهات بالمساجد ، فقال : «ولو أتلفها متلف على غير جهة الانتفاع المعلومة أثم قطعا. وفي مطالبته بالقيمة أو المثل إشكال ، من أنّ ما يطلب بقيمة عينه يطلب بمنافعها. ومن المعلوم أنّه لو منع شخص الناس من الانتفاع إلى أن فاتت جملة من منافعها ، أو انتفع بها في غير الجهة الموضوعة له ـ كما لو جعل المسجد مسكنا له ـ أثم ، ولكن لم يطلب بها ، فكذا لو أتلف العين. ولعدم وضوح الدليل على الضمان إلّا في الأملاك المنسوبة إلى الناس ، وهذه صارت ملكا لله ، وإنّما للناس الانتفاع خاصة. ومن عموم : على اليد ما أخذت حتى تؤدّي. وتأدية المثل أو القيمة ـ مع تعذر الأصل ـ معدودة من التأدية» (٢).
__________________
(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٦٣ و ٦٤.
(٢) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٦٤.