وقال تعالى : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) (١) ، في هذه الآية إيحاء وتصوير لمشهد الطمس الذي أسلفنا الحديث عنه ، ألا ترى أن الكواكب عند ما تبتلعها الثقوب السوداء تطمس طمسا فلا ترى أبدا والله أعلم.
ويتحدث سيد قطب عن نهاية الكون فيقول : (هذا هو مشهد الانقلاب التام لكل معهود والثورة الشاملة لكل موجود ، الانقلاب الذي يشمل الأجرام السماوية والأرضية ، والوحوش النافرة والأنعام الأليفة ونفوس البشر وأوضاع الأمور ، حيث ينكشف كل مستور ، ويعلم كل مجهول وتقف النفس أمام ما أحضرت من الرصيد والزاد في موقف الفصل والحساب ، وكل شيء من حولها عاصف وكل شيء من حولها مقلوب) (٢).
إن هذه الأحداث المرعبة التي تضفي على الكون صورة الخراب والاضطراب ، وتجعل من الكون المتساوق في أجرامه ، المتسق في حركته وجريانه ، المنضبط في مساره ، الرصين في إحكام بنائه ، تجعل منه أنكاثا متناثرة ، وأوزاعا متفرقة.
ويصف الإمام الرازي النهاية فيقول : (وتكوير الشمس هو انطفاؤها وخمدان لهيبها وتجمدها وانكدار النجوم وانفراطها من عقدها الفريد ، وتناثرها من نظامها الدقيق ... أما الجبال ، فاعلم أن الله تعالى ذكر في مواضع من كتابه أحوال هذه الجبال على وجوه مختلفة ، ويمكن الجمع بينها على الوجه الذي نقوله ، وهو أن أول أهوالها الاندكاك وهو قوله سبحانه : (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) (٣).
والحالة الثانية لها أن تصير كالعهن المنفوش ، وذكر الله تعالى ذلك في قوله : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥)) (٤).
__________________
(١) سورة المرسلات ، الآية : ٨.
(٢) في ظلال القرآن ، سيد قطب ، ٦ / ٣٨٣٧.
(٣) سورة الحاقة ، الآية : ١٤.
(٤) سورة القارعة ، الآيتان ٤ ، ٥.