الْمَهْدِ صَبِيًّا) ولم نعهد صبيا في المهد كلمه عاقل ، و (كانَ) زائدة والظرف صلة من ، و (صَبِيًّا) حال من المستكن فيه أو تامة أو دائمة كقوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) أو بمعنى صار.
(قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ) أنطقه الله تعالى به أولا لأنه أول المقامات والرد على من يزعم ربوبيته. (آتانِيَ الْكِتابَ) الإنجيل. (وَجَعَلَنِي نَبِيًّا).
(وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣)
(وَجَعَلَنِي مُبارَكاً) نفاعا معلما للخير ، والتعبير بلفظ الماضي إما باعتبار ما سبق في قضائه ، أو بجعل المحقق وقوعه كالواقع وقيل أكمل الله عقله واستنبأه طفلا. (أَيْنَ ما كُنْتُ) حيث كنت. (وَأَوْصانِي) وأمرني. (بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) زكاة المال إن ملكته أو تطهير النفس عن الرذائل. (ما دُمْتُ حَيًّا).
(وَبَرًّا بِوالِدَتِي) وبارا بها عطف على (مُبارَكاً) ، وقرئ بالكسر على أنه مصدر وصف به أو منصوب بفعل دل عليه أوصاني ، أي وكلفني برا ويؤيده القراءة بالكسر والجر عطفا على (بِالصَّلاةِ). (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) عند الله من فرط تكبره.
(وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) كما هو على يحيى والتعريف للعهد والأظهر أنه للجنس والتعريض باللعن على أعدائه ، فإنه لما جعل جنس السلام على نفسه عرض بأن ضده عليهم كقوله تعالى : (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) فإنه تعريض بأن العذاب على من كذب وتولى.
(ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ)(٣٤)
(ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) أي الذي تقدم نعته هو عيسى ابن مريم لا ما يصفه النصارى ، وهو تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ والطريق البرهاني حيث جعله موصوفا بأضداد ما يصفونه ثم عكس الحكم. (قَوْلَ الْحَقِ) خبر محذوف أي هو قول الحق الذي لا ريب فيه ، والإضافة للبيان والضمير للكلام السابق أو لتمام القصة. وقيل صفة (عِيسَى) أو بدل أو خبر ثان ومعناه كلمة الله. وقرأ عاصم وابن عامر ويعقوب (قَوْلَ) بالنصب على أنه مصدر مؤكد. وقرئ «قال الحق» وهو بمعنى القول. (الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) في أمره يشكون أو يتنازعون ، فقالت اليهود ساحر وقالت النصارى ابن الله وقرئ بالتاء على الخطاب.
(ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)(٣٦)
(ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ) تكذيب للنصارى وتنزيه لله تعالى عما بهتوه. (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) تبكيت لهم ، فإن من إذا أراد شيئا أوجده ب (كُنْ) كان منزها عن شبه الخلق إلى الحاجة في اتخاذ الولد بإحبال الإناث ، وقرأ ابن عامر فيكون بالنصب على الجواب.
(وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) سبق تفسيره في سورة «آل عمران» ، وقرأ الحجازيان والبصريان (وَإِنَ) بالفتح على ولأن وقيل إنه معطوف على (بِالصَّلاةِ).
(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(٣٧)
(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) اليهود والنصارى ؛ أو فرق النصارى : نسطورية قالوا إنه ابن الله ،