تخصيصهما بالذكر لأنهما شجرتا الأنبياء أو لأنه أراد أن يذكر إسماعيل بفضله على الانفراد. (وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا) وكلا منهما أو منهم.
(وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) النبوة والأموال والأولاد. (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) يفتخر بهم الناس ويثنون عليهم ، استجابة لدعوته (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) والمراد باللسان ما يوجد به ، ولسان العرب لغتهم وإضافته إلى الصدق وتوصيفه بالعلو للدلالة على أنهم أحقاء بما يثنون عليهم ، وأن محامدهم لا تخفى على تباعد الأعصار وتحول الدول وتبدل الملل.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) (٥٣)
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً) موحدا أخلص عبادته عن الشرك والرياء ، أو أسلم وجهه لله وأخلص نفسه عما سواه ، وقرأ الكوفيون بالفتح على أن الله أخلصه. (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) أرسله الله إلى الخلق فأنبأهم عنه ولذلك قدم (رَسُولاً) مع أنه أخلص وأعلى.
(وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) من ناحيته اليمنى من اليمين ، وهي التي تلي يمين موسى من جانبه الميمون من اليمن بأن تمثل له الكلام من تلك الجهة. (وَقَرَّبْناهُ) تقريب تشريف شبهه بمن قربه الملك لمناجاته. (نَجِيًّا) مناجيا حال من أحد الضميرين. وقيل مرتفعا من النجوة وهو الارتفاع. لما روي أنه رفع فوق السموات حتى سمع صرير القلم.
(وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا) من أجل رحمتنا أو بعض رحمتنا. (أَخاهُ) معاضدة أخيه وموازرته إجابة لدعوته (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) فإنه كان أسن من موسى ، وهو مفعول أو بدل على تقدير أن تكون (مِنْ) للتبعيض. (هارُونَ) عطف بيان له. (نَبِيًّا) حال منه.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)(٥٥)
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) ذكره بذلك لأنه المشهور به والموصوف بأشياء في هذا الباب لم تعهد من غيره ، وناهيك أنه وعد الصبر على الذبح فقال : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) فوفى. (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) يدل على أن الرسول لا يلزم أن يكون صاحب شريعة ، فإن أولاد إبراهيم كانوا على شريعته.
(وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) اشتغالا بالأهم وهو أن يقبل الرجل على نفسه ومن هو أقرب الناس إليه بالتكميل ، قال الله تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ). (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) ، (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً). وقيل أهله أمته فإن الأنبياء آباء الأمم. (وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) لاستقامة أقواله وأفعاله.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا)(٥٧)
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ) وهو سبط شيث وجد أبي نوح عليهمالسلام ، واسمه أخنوخ واشتقاق إدريس من الدرس يرده منع صرفه ، نعم لا يبعد أن يكون معناه في تلك اللغة قريبا من ذلك فلقب به لكثرة درسه ، إذ روي أنه تعالى أنزل عليه ثلاثين صحيفة ، وأنه أول من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب. (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا).