(أَوْفُوا الْكَيْلَ) أتموه. (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ) الناقصين حقوق الناس بالتطفيف.
(وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ(١٨٣) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ)(١٨٤)
(وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) بالميزان السوي ، وهو وإن كان عربيا فإن كان من القسط ففعلاس بتكرير العين وإلا ففعلال. وقرأ حمزة والكسائي وحفص بكسر القاف. (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) ولا تنقصوا شيئا من حقوقهم. (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) بالقتل والغارة وقطع الطريق.
(وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ) وذوي الجبلة الأولين يعني من تقدمهم من الخلائق.
(قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (١٨٦) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(١٨٧)
(قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) أتوا بالواو للدلالة على أنه جامع بين وصفين متنافيين للرسالة مبالغة في تكذيبه. (وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) في دعواك.
(فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) قطعة منها ، ولعله جواب لما أشعر به الأمر بالتقوى من التهديد. وقرأ حفص بفتح السين. (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في دعواك.
(قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (١٨٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ)(١٩٠)
(قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) وبعذابه منزل عليكم ما أوجبه لكم عليه في وقته المقدر له لا محالة.
(فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) على نحو ما اقترحوا بأن سلط الله عليهم الحر سبعة أيام حتى غلت أنهارهم وأظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا. (إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ).
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١) وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)(١٩٥) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ)(١٩٦)
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) هذا آخر القصص السبع المذكورة على سبيل الاختصار تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وتهديدا للمكذبين به ، وإطراد نزول العذاب على تكذيب الأمم بعد إنذار الرسل به ، واقتراحهم له استهزاء وعدم مبالاة به يدفع أن يقال إنه كان بسبب اتصالات فلكية أو كان إبتلاء لهم لا مؤاخذة على تكذيبهم.
(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ).
(عَلى قَلْبِكَ) تقرير لحقية تلك القصص وتنبيه على إعجاز القرآن ونبوة محمّد صلىاللهعليهوسلم ، فإن الإخبار عنها ممن لم يتعلمها لا يكون إلا وحيا من الله عزوجل ، والقلب إن أراد به الروح فذاك وإن أراد به العضو فتخصيصه ، لأن المعاني الروحانية إنما تنزل أولا على الروح ثم تنتقل منه إلى القلب لما بينهما من التعلق ، ثم تتصعد منه إلى الدماغ فينتقش بها لوح المتخيلة ، و (الرُّوحُ الْأَمِينُ) جبريل عليهالسلام فإنه أمين الله على وحيه. وقرأ ابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي بتشديد الزاي ونصب (الرُّوحُ الْأَمِينُ). (لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) عما يؤدي إلى عذاب من فعل أو ترك.