وَما يُعْلِنُونَ (٧٤) وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ)(٧٥)
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) لتأخير عقوبتهم على المعاصي ، والفضل والفاضلة الأفضال وجمعها فضول وفواضل. (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) لا يعرفون حق النعمة فيه فلا يشكرونه بل يستعجلون بجهلهم وقوعه.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ) ما تخفيه وقرئ بفتح التاء من كننت أي سترت. (وَما يُعْلِنُونَ) من عداوتك فيجازيهم عليه.
(وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) خافية فيهما ، وهما من الصفات الغالبة والتاء فيهما للمبالغة كما في الراوية ، أو اسمان لما يغيب ويخفى كالتاء في عافية وعاقبة. (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) بين أو (مُبِينٍ) ما فيه لما يطالعه ، والمراد اللوح أو القضاء على الاستعارة.
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦) وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ)(٧٨)
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) كالتشبيه والتنزيه وأحوال الجنة والنار وعزير والمسيح.
(وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) فإنهم المنتفعون به.
(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ) بين بني إسرائيل. (بِحُكْمِهِ) بما يحكم به وهو الحق ، بحكمته ويدل عليه أنه قرئ بحكمه. (وَهُوَ الْعَزِيزُ) فلا يرد قضاؤه. (الْعَلِيمُ) بحقيقة ما يقضي فيه ، وحكمه.
(فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (٧٩) إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠) وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ)(٨١)
(فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) ولا تبال بمعاداتهم. (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) وصاحب الحق حقيق بالوثوق بحفظ الله ونصره.
(إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) تعليل آخر للأمر بالتوكل من حيث إنه يقطع طعمه عن مشايعتهم ومعاضدتهم رأسا ، وإنما شبهوا بالموتى لعدم انتفاعهم باستماع ما يتلى عليهم كما شبهوا بالصم في قوله : (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) فإن إسماعهم في هذه الحالة أبعد. وقرأ ابن كثير (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُ).
(وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) حيث الهداية لا تحصل إلا بالبصر. وقرأ حمزة وحده «وما أنت تهدي العمي». (إِنْ تُسْمِعُ) أي ما يجدي إسماعك. (إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) من هو في علم الله كذلك. (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) مخلصون من أسلم وجهة لله.
(وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ)(٨٢)
(وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ) إذا دنا وقوع معناه وهو ما وعدوا به من البعث والعذاب. (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ) وهي الجساسة روي أن طولها ستون ذراعا ولها أربع قوائم وزغب وريش وجناحان ، لا يفوتها