الفعل ، وقرئ «أتاه» على التوحيد للفظ الكل. (داخِرِينَ) صاغرين وقرئ «دخرين».
(وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ)(٨٨)
(وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً) ثابتة في مكانها. (وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) في السرعة ، وذلك لأن الأجرام الكبار إذا تحركت في سمت واحد لا تكاد تبين حركتها. (صُنْعَ اللهِ) مصدر مؤكد لنفسه وهو لمضمون الجملة المتقدمة كقوله (وَعَدَ اللهُ). (الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) أحكم خلقه وسواه على ما ينبغي. (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) عالم بظواهر الأفعال وبواطنها فيجازيكم عليها كما قال :
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٩٠)
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) إذ ثبت له الشريف بالخسيس والباقي بالفاني وسبعمائة بواحدة ، وقيل (خَيْرٌ مِنْها) أي خير حاصل من جهتها وهو الجنة ، وقرأ ابن كثير وأبو عمر وهشام خبير بما يفعلون بالياء والباقون بالتاء. (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) يعني به خوف عذاب يوم القيامة ، وبالأول ما يلحق الإنسان من التهيب لما يرى من الأهوال والعظائم ولذلك يعم الكافر والمؤمن ، وقرأ الكوفيون بالتنوين لأن المراد فزع واحد من أفزاع ذلك اليوم ، وآمن يتعدى بالجار وبنفسه كقوله (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ). وقرأ الكوفيون ونافع (يَوْمَئِذٍ) بفتح الميم والباقون بكسرها.
(وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) قيل بالشرك. (فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) فكبوا فيها على وجوههم ، ويجوز أن يراد بالوجوه أنفسهم كما أريدت بالأيدي في قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ). (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) على الالتفات أو بإضمار القول أي قيل لهم ذلك.
(إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ(٩١) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ)(٩٢)
(إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها) أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بأن يقول لهم ذلك بعد ما بين المبدأ والمعاد وشرح أحوال القيامة ، إشعارا بأنه قد أتم الدعوة وقد كملت وما عليه بعد إلا الاشتغال بشأنه والاستغراق في عبادة ربه ، وتخصيص مكة بهذه الإضافة تشريف لها وتعظيم لشأنها وقرئ «الّتي حرمها». (وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ) خلقا وملكا. (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) المنقادين أو الثابتين على ملة الإسلام.
(وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ) وأن أواظب على تلاوته لتنكشف لي حقائقه في تلاوته شيئا فشيئا ، أو اتباعه وقرئ «واتل عليهم» «وأن اتل». (فَمَنِ اهْتَدى) باتباعه إياي في ذلك ، (فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) فإن منافعه عائدة إليه. (وَمَنْ ضَلَ) بمخالفتي. (فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ) فلا علي من وبال ضلاله شيء إذ ما على الرسول إلا البلاغ وقد بلغت.
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(٩٣)
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) على نعمة النبوة أو على ما علمني ووفقني للعمل به. (سَيُرِيكُمْ آياتِهِ) القاهرة في