(٢٨) سورة القصص
مكية وقيل إلا قوله تعالى (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) إلى قوله (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ)
وهي ثمان وثمانون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(٣) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)(٤)
(طسم).
(تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ).
(نَتْلُوا عَلَيْكَ) نقرؤه بقراءة جبريل ، ويجوز أن يكون بمعنى ننزله مجازا. (مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ) بعض نبئهما مفعول (نَتْلُوا). (بِالْحَقِ) محقين. (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) لأنهم المنتفعون به.
(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) استئناف «مبين» لذلك البعض ، والأرض أرض مصر. (وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) فرقا يشيعونه فيما يريد ، أو يشيع بعضهم بعضا في طاعته أو أصنافا في استخدامه استعمل كل صنف في عمل ، أو أحزابا بأن أغرى بينهم العداوة كي لا يتفقوا عليه. (يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ) وهم بنو إسرائيل ، والجملة حال من فاعل (جَعَلَ) أو صفة ل (شِيَعاً) أو استئناف ، وقوله : (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) بدل منها ، كان ذلك لأن كاهنا قال له يولد مولود في بني إسرائيل يذهب ملكك على يده ، وذلك كان من غاية حمقه فإنه لو صدق لم يندفع بالقتل وإن كذب فما وجهه. (إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) فلذلك اجترأ على قتل خلق كثير من أولاد الأنبياء لتخيل فاسد.
(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)(٦)
(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) أن نتفضل عليهم بإنقاذهم من بأسه ، (وَنُرِيدُ) حكاية حال ماضية معطوفة على (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) من حيث إنهما واقعان تفسيرا لل (نَبَإِ) ، أو حال من (يَسْتَضْعِفُ) ولا يلزم من مقارنة الإرادة للاستضعاف مقارنة المراد له ، لجواز أن يكون تعلق الإرادة به حينئذ تعلقا استقباليا مع أن منة الله بخلاصهم لما كانت قريبة الوقوع منه جاز أن تجري مجرى المقارن. (وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً) مقدمين في أمر الدين. (وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) لما كان في ملك فرعون وقومه.
(وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) أرض مصر والشام ، وأصل التمكين أن تجعل للشيء مكانا يتمكن فيه ثم استعير للتسليط وإطلاق الأمر. (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ) من بني إسرائيل. (ما كانُوا يَحْذَرُونَ) من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولود منهم. وقرأ حمزة والكسائي ويرى بالياء و (فِرْعَوْنَ وَهامانَ