(٢٠) سورة طه
مكية وهي مائة أربع وثلاثون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(طه) (١)
(طه) فخمها قالون وابن كثير وابن عامر وحفص ويعقوب على الأصل ، وفخم الطاء وحده أبو عمرو وورش لاستعلائه وأمالهما الباقون. وهما من أسماء الحروف. وقيل معناه يا رجل على لغة عك ، فإن صح فلعل أصله يا هذا فتصرفوا فيه بالقلب والاختصار والاستشهاد بقوله :
إنّ السفاهة طاها في خلائقكم |
|
لا قدّس الله أخلاق الملاعين |
ضعيف لجواز أن يكون قسما كقوله حم لا ينصرون ، وقرئ (طه) على أنه أمر للرسول صلىاللهعليهوسلم بأن يطأ الأرض بقدميه ، فإنه كان يقوم في تهجده على إحدى رجليه وأن أصله طأ فقلبت همزته هاء أو قلبت في يطأ ألفا كقوله : لا هناك المرتع. ثم بني عليه الأمر وضم إليه هاء السكت وعلى هذا يحتمل أن يكون أصل (طه) طأها والألف مبدلة من الهمزة والهاء كناية الأرض ، لكن يرد ذلك كتابتهما على صورة الحرف وكذا التفسير بيا رجل أو اكتفى بشطري الكلمتين وعبر عنهما باسمهما.
(ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (٢) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى)(٣)
(ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) خبر (طه) إن جعلته مبتدأ على أنه مؤول بالسورة ، أو (الْقُرْآنَ) والقرآن فيه واقع موقع العائد وجوابه إن جعلته مقسما به ومنادى له إن جعلته نداء ، واستئناف إن كانت جملة فعلية أو اسمية بإضمار مبتدأ ، أو طائفة من الحروف محكية والمعنى : ما أنزلنا عليك القرآن لتتعب بفرط تأسفك على كفر قريش إذ ما عليك إلا أن تبلغ ، أو بكثرة الرياضة وكثرة التهجد والقيام على ساق. والشقاء شائع بمعنى التعب ومنه أشقى من رائض المهر ، وسيد القوم أشقاهم. ولعله عدل إليه للإشعار بأنه أنزل عليه ليسعد. وقيل رد وتكذيب للكفرة ، فإنهم لما رأوا كثرة عبادته قالوا إنك لتشقى بترك ديننا وإن القرآن أنزل عليك لتشقى به.
(إِلَّا تَذْكِرَةً) لكن تذكيرا ، وانتصابها على الاستثناء المنقطع ، ولا يجوز أن يكون بدلا من محل (لِتَشْقى) لاختلاف الجنسين ولا مفعولا له ل (أَنْزَلْنا) ، فإن الفعل الواحد لا يتعدى إلى علتين. وقيل هو مصدر في موقع الحال من الكاف أو القرآن ، أو مفعول له على أن (لِتَشْقى) متعلق بمحذوف هو صفة القرآن أي ما أنزلنا عليك القرآن المنزل لتتعب بتبليغه إلا تذكرة. (لِمَنْ يَخْشى) لمن في قلبه خشية ورقة تتأثر بالإنذار ، أو لمن علم الله منه أنه يخشى بالتخويف منه فإنه المنتفع به.
(تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) (٤)
(تَنْزِيلاً) نصب بإضمار فعله أو ب (يَخْشى) ، أو على المدح أو البدل من (تَذْكِرَةً) إن جعل حالا ،