(وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ) الناس إلى ما فيه من الحكم والأحكام. (بِأَمْرِنا) إياهم به أو بتوفيقنا له. (لَمَّا صَبَرُوا) وقرأ حمزة والكسائي ورويس (لَمَّا صَبَرُوا) أي لصبرهم على الطاعة أو عن الدنيا. (وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) لإمعانهم فيها النظر.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ)(٢٦)
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) يقضي فيميز الحق من الباطل بتمييز المحق من المبطل. (فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) من أمر الدين.
(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) الواو للعطف على منوي من جنس المعطوف والفاعل ضمير ما دل عليه. (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ) أي كثرة من أهلكناهم من القرون الماضية ، أو ضمير الله بدليل القراءة بالنون. (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) يعني أهل مكة يمرون في متاجرهم على ديارهم ، وقرئ «يمشون» بالتشديد. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ) سماع تدبر واتعاظ.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ)(٢٧)
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) الّتي جرز نباتها أي قطع وأزيل لا الّتي لا تنبت لقوله: (فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً) وقيل اسم موضع باليمن. (تَأْكُلُ مِنْهُ) من الزرع. (أَنْعامُهُمْ) كالتين والورق. (وَأَنْفُسُهُمْ) كالحب والثمر. (أَفَلا يُبْصِرُونَ) فيستدلون به على كمال قدرته وفضله.
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ)(٢٩)
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ) النصر أو الفصل بالحكومة من قوله (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا)(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في الوعد به.
(قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) وهو يوم القيامة فإنه يوم نصر المؤمنين على الكفرة والفصل بينهم. وقيل يوم بدر أو يوم فتح مكة ، والمراد بالذين كفروا المقتولون منهم فيه فإنهم لا ينفعهم إيمانهم حال القتل ولا يمهلون وانطباقه جوابا على سؤالهم من حيث المعنى باعتبار ما عرف من غرضهم ، فإنهم لما أرادوا به الاستعجال تكذيبا واستهزاء أجيبوا بما يمنع الاستعجال.
(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ)(٣٠)
(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) ولا تبال بتكذيبهم ، وقيل هو منسوخ بآية السيف. (وَانْتَظِرْ) النصرة عليهم. (إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) الغلبة عليك ، وقرئ بالفتح على معنى أنهم أحقاء بأن ينتظر هلاكهم أو أن الملائكة ينتظرونه.
عن النبي صلىاللهعليهوسلم من قرأ «الم تنزيل ، وتبارك الّذي بيده الملك أعطي من الأجر كأنما أحيا ليلة القدر». وعنه «من قرأ «الم تنزيل في بيته لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام».