(وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً)(١٣)
(وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) يعني أوس بن قيظي وأتباعه. (يا أَهْلَ يَثْرِبَ) أهل المدينة ، وقيل هو اسم أرض وقعت المدينة في ناحية منها. (لا مُقامَ) لا موضع قيام. (لَكُمْ) ها هنا ، وقرأ حفص بالضم على أنه مكان أو مصدر من أقام. (فَارْجِعُوا) إلى منازلكم هاربين ، وقيل المعنى لا مقام لكم على دين محمّد فارجعوا إلى الشرك وأسلموه لتسلموا ، أو لا مقام لكم بيثرب فارجعوا كفارا ليمكنكم المقام بها. (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَ) للرجوع. (يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) غير حصينة وأصلها الخلل ، ويجوز أن يكون تخفيف العورة من عورت الدار إذا اختلت وقد قرئ بها. (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ) بل هي حصينة. (إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) أي وما يريدون بذلك إلا الفرار من القتال.
(وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً)(١٤)
(وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ) دخلت المدينة أو بيوتهم. (مِنْ أَقْطارِها) من جوانبها وحذف الفاعل للإيماء بأن دخول هؤلاء المتحزبين عليهم ودخول غيرهم من العساكر سيان في اقتضاء الحكم المرتب عليه. (ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ) الردة ومقاتلة المسلمين. (لَآتَوْها) لأعطوها ، وقرأ الحجازيان بالقصر بمعنى لجاءوها وفعلوها. (وَما تَلَبَّثُوا بِها) بالفتنة أو بإعطائها. (إِلَّا يَسِيراً) ريثما يكون السؤال والجواب ، وقيل ما لبثوا بالمدينة بعد تمام الارتداد إلا يسيرا.
(وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)(١٦)
(وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ) يعني بني حارثة عاهدوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أحد حين فشلوا ثم تابوا أن لا يعودوا لمثله. (وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) عن الوفاء به مجازى عليه.
(قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ) فإنه لا بد لكل شخص من حتف أنف ، أو قتل في وقت معين سبق به القضاء وجرى عليه القلم. (وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً) أي وإن نفعكم الفرار مثلا فمتعتم بالتأخير لم يكن ذلك التمتيع إلا تمتيعا ، أو زمانا قليلا.
(قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧) قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً)(١٨)
(قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً) أي أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة فاختصر الكلام كما في قوله :
متقلدا سيفا ورمحا
أو حمل الثاني على الأول لما في العصمة من معنى المنع. (وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا) ينفعهم. (وَلا نَصِيراً) يدفع الضر عنهم.
(قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) المثبطين عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم المنافقون. (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ) من