وَتَسْلِيماً)(٢٢)
(وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ) بقوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) الآية ، وقوله عليه الصلاة والسلام «سيشتد الأمر باجتماع الأحزاب عليكم والعاقبة لكم عليهم». وقوله عليه الصلاة والسلام : إنهم سائرون إليكم بعد تسع أو عشر» وقرأ حمزة وأبو بكر بكسر الراء وفتح الهمزة. (وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) ظهر صدق خبر الله ورسوله أو صدقا في النصرة والثواب كما صدقا في البلاء ، وإظهار الاسم للتعظيم. (وَما زادَهُمْ) فيه ضمير (لَمَّا) رأوا ، أو الخطب أو البلاء. (إِلَّا إِيماناً) بالله ومواعيده. (وَتَسْلِيماً) لأوامره ومقاديره.
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢٣) لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً)(٢٤)
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) من الثبات مع الرسول صلىاللهعليهوسلم والمقاتلة لإعلاء الدين من صدقني إذا قال لك الصدق ، فإن المعاهد إذا وفي بعهده فقد صدق فيه. (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) نذره بأن قاتل حتى استشهد كحمزة ومصعب بن عمير وأنس بن النضر ، والنحب النذر واستعير للموت لأنه كنذر لازم في رقبة كل حيوان. (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) الشهادة كعثمان وطلحة رضي الله عنهما. (وَما بَدَّلُوا) العهد ولا غيروه. (تَبْدِيلاً) شيئا من التبديل. روي أن طلحة ثبت مع رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يوم أحد حتى أصيبت يده فقال عليه الصلاة والسلام : «أوجب طلحة» وفيه تعريض لأهل النفاق ومرض القلب بالتبديل ، وقوله :
(لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) تعليل للمنطوق والمعرض به ، فكأن المنافقين قصدوا بالتبديل عاقبة السوء كما قصد المخلصون بالثبات والوفاء العاقبة الحسنى ، والتوبة عليهم مشروطة بتوبتهم أو المراد بها التوفيق للتوبة. (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) لمن تاب.
(وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً)(٢٥)
(وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني الأحزاب. (بِغَيْظِهِمْ) متغيظين. (لَمْ يَنالُوا خَيْراً) غير ظافرين وهما حالان بتداخل أو تعاقب. (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) بالريح والملائكة. (وَكانَ اللهُ قَوِيًّا) على إحداث ما يريده. (عَزِيزاً) غالبا على كل شيء.
(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً)(٢٦)
(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ) ظاهروا الأحزاب. (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) يعني قريظة. (مِنْ صَياصِيهِمْ) من حصونهم جمع صيصية وهي ما يتحصن به ولذلك يقال لقرن الثور والظبي وشوكة الديك. (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) الخوف وقرئ بالضم. (فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) وقرئ بضم السين روي : أن جبريل أتى رسول الله صلّى الله عليهما وسلّم صبيحة الليلة الّتي انهزم فيها الأحزاب فقال : أتنزع لأمتك والملائكة لم يضعوا السلاح إن الله يأمرك بالسير إلى بني قريظة وأنا عامد إليهم فأذن في الناس أن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة ، فحاصرهم إحدى وعشرين أو خمسا وعشرين حتى جهدهم الحصار فقال لهم: تنزلون على