(٢١) سورة الأنبياء
مكية وآيها مائة واثنتا عشرة آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١) ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ)(٢)
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) بالإضافة إلى ما مضى أو عند الله لقوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداًوَنَراهُ قَرِيباً) وقوله (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) أو لأن كل ما هو آت قريب وإنما البعيد ما انقرض ومضى ، واللام صلة ل (اقْتَرَبَ) أو تأكيد للإضافة وأصله اقترب حساب الناس ثم اقترب للناس الحساب ثم اقترب للناس حسابهم ، وخص الناس بالكفار لتقييدهم بقوله : (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) أي في غفلة عن الحساب. (مُعْرِضُونَ) عن التفكر فيه وهما خبران للضمير ، ويجوز أن يكون الظرف حالا من المستكن في (مُعْرِضُونَ).
(ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ) ينبههم عن سنة الغفلة والجهالة. (مِنْ رَبِّهِمْ) صفة ل (ذِكْرٍ) أو صلة ل (يَأْتِيهِمْ). (مُحْدَثٍ) تنزيله ليكرر على أسماعهم التنبيه كي يتعظوا ، وقرئ بالرفع حملا على المحل. (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) يستهزئون به ويستسخرون منه لتناهي غفلتهم وفرط إعراضهم عن النظر في الأمور والتفكر في العواقب (وَهُمْ يَلْعَبُونَ) حال من الواو وكذلك :
(لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) (٣)
(لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) أي استمعوه جامعين بين الاستهزاء والتلهي والذهول عن التفكر فيه ، ويجوز أن يكون من واو (يَلْعَبُونَ) وقرئت بالرفع على أنها خبر آخر للضمير. (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) بالغوا في إخفائها أو جعلوها بحيث خفي تناجيهم بها. (الَّذِينَ ظَلَمُوا) بدل من واو (وَأَسَرُّوا) للإيماء بأنهم ظالمون فيما أسروا به ، أو فاعل له والواو لعلامة الجمع أو مبتدأ والجملة المتقدمة خبره وأصله وهؤلاء أسروا النجوى فوضع الموصول موضعه تسجيلا على فعلهم بأنه ظلم أو منصوب على الذم. (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) بأمره في موضع النصب بدلا من (النَّجْوَى) ، أو مفعولا لقول مقدر كأنهم استدلوا بكونه بشرا على كذبه في ادعاء الرسالة لاعتقادهم أن الرسول لا يكون إلا ملكا ، واستلزموا منه أن ما جاء به من الخوارق كالقرآن سحر فأنكروا حضوره ، وإنما أسروا به تشاورا في استنباط ما يهدم أمره ويظهر فساده للناس عامة.
(قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٤) بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) (٥)