(٢٢) سورة الحج
مكية إلا ست آيات من (هذانِ خَصْمانِ) إلى (صِراطِ الْحَمِيدِ)
وآيها ثمان وسبعون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ)(٢)
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ) تحريكها للأشياء على الإسناد المجازي ، أو تحريك الأشياء فيها فأضيفت إليها إضافة معنوية بتقدير في أو إضافة المصدر إلى الظرف على إجرائه مجرى المفعول به. وقيل هي زلزلة تكون قبيل طلوع الشمس من مغربها وإضافتها إلى الساعة لأنها من أشراطها. (شَيْءٌ عَظِيمٌ) هائل علل أمرهم بالتقوى بفظاعة الساعة ليتصوروها بعقولهم ويعلموا أنه لا يؤمنهم منها سوى التدرع بلباس التقوى فيبقوا على أنفسهم ويتقوها بملازمة التقوى.
(يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) تصوير لهولها والضمير لل (زَلْزَلَةَ) ، و (يَوْمَ) منصوب ب (تَذْهَلُ) ، وقرئ «تذهل» و «تذهل» مجهولا ومعروفا أي تذهلها الزلزلة ، والذهول الذهاب عن الأمر بدهشة ، والمقصود الدلالة على أن هولها بحيث إذا دهشت الّتي ألقمت الرضيع ثديها نزعته من فيه وذهلت عنه ، و «ما» موصولة أو مصدرية. (وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) جنينها. (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) كأنهم سكارى. (وَما هُمْ بِسُكارى) على الحقيقة. (وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) فأرهقهم هوله بحيث طير عقولهم وأذهب تمييزهم ، وقرئ «ترى» من أريتك قائما أو رؤيت قائما بنصب الناس ورفعه على أنه نائب مناب الفاعل ، وتأنيثه على تأويل الجماعة وإفراده بعد جمعه لأن الزلزلة يراها الجميع ، وأثر السكر إنما يراه كل أحد على غيره وقرأ حمزة والكسائي «سكرى» كعطشى إجراء للسكر مجرى العلل.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (٣) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ)(٤)
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) نزلت في النضر بن الحرث وكان جدلا يقول الملائكة بنات الله ، والقرآن أساطير الأولين ، ولا بعث بعد الموت هي تعمه وأضرابه. (وَيَتَّبِعُ) في المجادلة أو في عامة أحواله. (كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) متجرد للفساد وأصله العري.
(كُتِبَ عَلَيْهِ) على الشيطان. (أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ) تبعه والضمير للشأن. (فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) خبر لمن أو جواب له ، والمعنى كتب عليه إضلال من يتولاه لأنه جبل عليه ، وقرئ بالفتح على تقدير فشأنه أنه يضله لا على العطف فإنه يكون بعد تمام الكلام. وقرئ بالكسر في الموضعين على حكاية المكتوب أو إضمار القول أو