منه إلا أن يراد المرصعة به ، ونصبه نافع وعاصم عطفا على محلها أو إضمار الناصب مثل ويؤتون ، وروى حفص بهمزتين وترك أبو بكر والسوسي عن أبي عمرو الهمزة الأولى ، وقرئ «لؤلوا» بقلب الثانية واوا و «لوليا» بقلبهما واوين ثم قلب الثانية ياء و «ليليا» بقلبهما ياءين و «لول» كأدل. (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) غير أسلوب الكلام فيه للدلالة على أن الحرير ثيابهم المعتادة ، أو للمحافظة على هيئة الفواصل.
(وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) وهو قولهم (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) أو كلمة التوحيد. (وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) المحمود نفسه أو عاقبته وهو الجنة ، أو الحق أو المستحق لذاته الحمد وهو الله سبحانه وتعالى وصراطه الإسلام.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ)(٢٥)
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) لا يريد به حالا ولا استقبالا وإنما يريد به استمرار الصد منهم كقولهم : فلان يعطي ويمنع ، ولذلك حسن عطفه على الماضي. وقيل هو حال من فاعل (كَفَرُوا) وخبر (إِنَ) محذوف دل عليه آخر الآية أي معذبون. (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) عطف على اسم الله وأوّله الحنفية بمكة واستشهدوا بقوله : (الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) أي المقيم والطارئ ، على عدم جواز بيع دورها وإجارتها ، وهو مع ضعفه معارض بقوله تعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) وشراء عمر رضي الله عنه دار السجن فيها من غير نكير ، و (سَواءً) خبر مقدم والجملة مفعول ثان ل (جَعَلْناهُ) إن جعل (لِلنَّاسِ) حالا من الهاء وإلا فحال من المستكن فيه ، ونصبه حفص على أنه المفعول أو الحال و (الْعاكِفُ) مرتفع به ، وقرئ «العاكف» بالجر على أنه بدل من الناس. (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ) مما ترك مفعوله ليتناول كل متناول ، وقرئ بالفتح من الورود. (بِإِلْحادٍ) عدول عن القصد (بِظُلْمٍ) بغير حق وهما حالان مترادفان ، أو الثاني بدل من الأول بإعادة الجار أو صلة له : أي ملحدا بسبب الظّلم كالإشراك واقتراف الآثام (نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) جواب ل (مَنْ).
(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)(٢٦)
(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) أي واذكر إذ عيناه وجعلناه له مباءة. وقيل اللام زائدة ومكان ظرف أي وإذ أنزلناه فيه. قيل رفع البيت إلى السماء وانطمس أيام الطوفان فأعلمه الله مكانه بريح أرسلها فكنست ما حوله فبناه على أسه القديم. (أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ أَنْ) مفسرة ل (بَوَّأْنا) من حيث إنه تضمن معنى تعبدنا لأن التبوئة من أجل العبادة ، أو مصدرية موصولة بالنهي أي : فعلنا ذلك لئلا تشرك بعبادتي وطهر بيتي من الأوثان والأقذار لمن يطوف به ويصلي فيه ، ولعله عبر عن الصلاة بأركانها للدلالة على أن كل واحد منها مستقل باقتضاء ذلك كيف وقد اجتمعت ، وقرئ يشرك بالياء وقرأ نافع وحفص وهشام (بَيْتِيَ) بفتح الياء.
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ)(٢٨).