(٢٤) سورة النور
مدينة وهي أربع وستون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(١)
(سُورَةٌ) أي هذه سورة أو فيما أوحينا إليك سورة. (أَنْزَلْناها) صفتها ومن نصبها جعله مفسرا لناصبها فلا يكون له محل إلا إذا قدر اتل أو دونك نحوه (وَفَرَضْناها) وفرضنا ما فيها من الأحكام ، وشدده ابن كثير وأبو عمرو لكثرة فرائضها أو المفروض عليهم ، أو للمبالغة في إيجابها. (وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ) واضحات الدلالة (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فتتقون المحارم وقرئ بتخفيف الذال.
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٢)
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) أو فيما فرضنا أو أنزلنا حكمهما وهو الجلد ، ويجوز أن يرفعا بالابتداء والخبر : (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) والفاء لتضمنها معنى الشرط إذ اللام بمعنى الّذي ، وقرئ بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر وهو أحسن من نصب سورة لأجل الأمر والزان بلا ياء ، وإنما قدم (الزَّانِيَةُ) لأن الزنا في الأغلب يكون بتعرضها للرجل وعرض نفسها عليه ولأن مفسدته تتحقق بالإضافة إليها ، والجلد ضرب الجلد وهو حكم يخص بمن ليس بمحصن لما دل على أن حد المحصن هو الرجم ، وزاد الشافعي عليه تغريب الحر سنة لقوله عليه الصلاة والسلام «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام» ، وليس في الآية ما يدفعه لينسخ أحدهما الآخر نسخا مقبولا أو مردودا ، وله في العبد ثلاثة أقوال. والإحصان : بالحرية والبلوغ والعقل والإصابة في نكاح صحيح ، واعتبرت الحنفية الإسلام أيضا وهو مردود برجمه عليه الصلاة والسلام يهوديين ، ولا يعارضه «من أشرك بالله فليس بمحصن» إذ المراد بالمحصن الّذي يقتص له من المسلم. (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ) رحمة. (فِي دِينِ اللهِ) في طاعته وإقامة حده فتعطلوه أو تسامحوا فيه ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام «لو سرقت فاطمة بنت محمّد لقطعت يدها». وقرأ ابن كثير بفتح الهمزة وقرئت بالمد على فعالة. (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فإن الإيمان يقتضي الجد في طاعة الله تعالى والاجتهاد في إقامة حدوده وأحكامه ، وهو من باب التهييج. (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) زيادة في التنكيل فإن التفضيح قد ينكل أكثر مما ينكل التعذيب ، وال (طائِفَةٌ) فرقة يمكن أن تكون حافة حول شيء من الطوف وأقلها ثلاثة وقيل واحدا واثنان ، والمراد جمع يحصل به التشهير.
(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)(٣)
(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) إذ الغالب أن المائل إلى الزنا