رحم الله أعظما دفنوها |
|
بسجستان طلحة الطلحات |
في رواية من خفض طلحة ، والبصريون لا يجوّزون حذف المضاف ، وترك المضاف إليه على خفضه ، ويقولون بشذوذ ما ورد من ذلك ، وقرأ أبو سرار «لا تجزي نسمة عن نسمة» وهي بمعنى النفس.
(وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) الشفاعة ـ كما في البحر ـ ضم غيره إلى وسيلته ـ وهي من الشفع ضد الوتر ـ لأن الشفيع ينضم إلى الطالب في تحصيل ما يطلب ـ فيصير شفعا بعد أن كان فردا ـ و «العدل» الفدية ، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، وروي عنه أيضا ـ البدل ـ أي رجل مكان رجل ، وأصل «العدل» ـ بفتح العين ـ ما يساوي الشيء ـ قيمة وقدرا ـ وإن لم يكن من جنسه ـ وبكسرها ـ المساوي في الجنس والجرم ، ومن العرب من يكسر ـ العين ـ من معنى الفدية ، وذكر الواحدي أن (عَدْلٌ) الشيء ـ بالفتح والكسر ـ مثله ، وأنشد قول كعب بن مالك :
صبرنا لا نرى لله «عدلا» |
|
على ما نابنا متوكلينا |
وقال ثعلب : العدل الكفيل والرشوة ـ ولم يؤثر في الآية ـ والضميران المجروران ـ بمن ـ إما راجعان إلى النفس الثانية لأنها أقرب مذكور ولموافقته لقوله تعالى : (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) ولأنه المتبادر من قوله : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) ومعنى عدم قبول الشفاعة حينئذ أنها إن جاءت بشفاعة شفيع لم تقبل منها وإما إلى الأولى لأنها المحدث عنها ، والثانية فضلة ولأن المتبادر من نفي قبول الشفاعة أنها لو شفعت لم تقبل شفاعتها ، وحينئذ معنى عدم ـ أخذ العدل ـ من الأولى أنه لو أعطى عدلا من الثانية لم يؤخذ ، وكأن في الآية على هذا نوعا من الترقي ارتكب هنا وإن لم يرتكب في مقام آخر كأنه قيل : إن النفس الأولى لا تقدر على استخلاص صاحبتها من قضاء الواجبات وتدارك التبعات لأنها مشغولة عنها بشأنها ، ثم إن قدرت على نفي ما كان بشفاعة لا يقبل منها ، وإن زادت عليه بأن ضمت الفداء فلا يؤخذ منها ، وإن حاولت الخلاص بالقهر والغلبة ـ وأنى لها ذلك ـ فلا تتمكن منه ، واختار الكواشي جعل الضمير الأول للنفس الأولى ، والثاني للثانية على اللف والنشر لما فيه من إجراء الجملتين على المعنى الظاهر منهما ، ويهوّن أمر التفكيك الاتضاح ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ـ ولا تقبل ـ بالتاء ، وسفيان (يُقْبَلُ) بفتح الياء ، ونصب (شَفاعَةٌ) على البناء للفاعل ، وفيه التفات من ضمير المتكلم في (نِعْمَتِيَ) إلخ إلى ضمير الغائب وبناؤه للمفعول أبلغ.
(وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) النصر في الأصل المعونة ، ومنه أرض منصورة ممدودة بالمطر ، والمراد به هنا ما يكون بدفع الضرر ـ أي ولا هم يمنعون من عذاب الله عزوجل ـ والضمير راجع إلى ما دلت عليه النفس الثانية المنكرة الواقعة في سياق النفي من النفوس الكثيرة فيكون من قبيل ما تقدم ذكره معنى بدلالة لفظ آخر ، وإما إلى النفس المنكرة من حيث كونها لعمومها بالنفي في معنى الكثرة كما قيل في قوله تعالى : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) [الحاقة : ٤٧] وأتى به مذكرا لتأويل النفوس بالعباد والأناسي ، وفيه تنبيه على أن تلك النفوس عبيد مقهورون مذللون تحت سلطانه تعالى ، وأنهم ناس كسائر الناس في هذا الأمر ، وعوده إلى النفسين بناء على أن التثنية جمع ليس بشيء ، وجعل النفي ـ منسحبا على جملة اسمية للتقوى ، ورفع (هُمْ) على الابتداء والجملة بعده خبره ، وجعله مفعولا لما لم يسم فاعله والفعل بعده مفسّر فتوافق الجمل ـ لا أوافق على اختياره ـ وإن ذهب إليه بعض الأجلة ـ وتمسك المعتزلة بعموم الآية ، على نفي الشفاعة لأهل الكبائر ـ وكون الخطاب للكفار والآية نازلة فيهم ـ لا يدفع العموم المستفاد من اللفظ ، وأجيب بالتخصيص من وجهين ، الأول بحسب المكان والزمان فإن مواقف القيامة ومقدار زمانها فيها سعة وطول ، ولعل هذه الحالة في ابتداء وقوعها وشدته ثم يأذن بالشفاعة ، وقد قيل : مثل ذلك في الجمع بين قوله تعالى : (فَلا