لتأنيث البقعة ـ وهو قول الفراء. والزجاج ـ وقال الأخفش : إن ـ التاء فيه للمبالغة كما في نسابة وعلامة ، وأصله مثوبة على وزن مفعلة مصدر ميمي ، أو ظرف مكان ، واللام في الناس للجنس وهو الظاهر وجوز حمله على العهد أو الاستغراق العرفي ، وقرأ الأعمش ، وطلحة مثابات على الجمع لأنه مثابة كل واحد من الناس لا يختص به أحد منهم (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) [الحج : ٢٥] فهو وإن كان واحدا بالذات إلا أنه متعدد باعتبار الإضافات ، وقيل : إن الجمع بتنزيل تعدد الرجوع منزلة تعدد المحل أو باعتبار أن كل جزء منه مثابة ، واختار بعضهم ذلك زعما منه أن الأول يقتضي أن يصح التعبير عن غلام جماعة بالمملوكين ولم يعرف ، وفيه أنه قياس مع الفارق إذ له إضافة المملوكية إلى كلهم لا إلى كل واحد منهم (وَأَمْناً) عطف على (مَثابَةً) وهو مصدر وصف به للمبالغة ، والمراد موضع أمن إما لسكانه من الخطف ؛ أو لحجاجه من العذاب حيث إن الحج يزيل ويمحو ما قبله غير حقوق العباد والحقوق المالية كالكفارة على الصحيح ، أو للجاني الملتجئ إليه من القتل ـ وهو مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه ـ إذ عنده لا يستوفى قصاص النفس في الحرم لكن يضيق على الجاني ولا يكلم ولا يطعم ولا يعامل حتى يخرج فيقتل ، وعند الشافعي رضي الله تعالى عنه من وجب عليه الحد والتجأ إليه يأمر الإمام بالتضييق عليه بما يؤدي إلى خروجه فإذا خرج أقيم عليه الحد في الحل فإن لم يخرج جاز قتله فيه ، وعند الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه لا يستوفى من الملتجئ قصاص مطلقا ولو قصاص الأطراف حتى يخرج ومن الناس من جعل ـ أمنا ـ مفعولا ثانيا لمحذوف على معنى الأمر أي ـ واجعلوه أمنا ـ كما جعلناه مثابة وهو بعيد عن الظاهر النظم ، ولم يذكر للناس هنا كما ذكر من قبل اكتفاء به أو إشارة إلى العموم أي أنه أمن لكل شيء كائنا ما كان حتى الطير والوحش إلا الخمس الفواسق فإنها خصت من ذلك على لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويدخل فيه أمن الناس دخولا أوليا (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) عطف على جعلنا أو حال من فاعله على إرادة القول أي وقلنا أو قائلين لهم اتخذوا والمأمور به الناس كما هو الظاهر أو إبراهيم عليهالسلام وأولاده كما قيل ، أو عطف على اذكر المقدر عاملا ل (إِذْ) ، أو معطوف على مضمر تقديره ثوبوا إليه (وَاتَّخِذُوا) وهو معترض باعتبار نيابته عن ذلك بين جعلنا وعهدنا ولم يعتبر الاعتراض من دون عطف مع أنه لا يحتاج إليه ليكون الارتباط مع الجملة السابقة أظهر ، والخطاب على هذين الوجهين لأمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وهو صلى الله تعالى عليه وسلم رأس المخاطبين. و (مِنْ) إما للتبعيض أو بمعنى ـ في ـ أو زائدة ـ على مذهب الأخفش ـ والأظهر الأول ، وقال القفال : هي مثل اتخذت من فلان صديقا وأعطاني الله تعالى من فلان أخا صالحا ، دخلت لبيان المتخذ الموهوب وتمييزه ، و ـ المقام ـ مفعل من القيام يراد به المكان أي مكان قيامه وهو الحجر الذي ارتفع عليه إبراهيم عليهالسلام حين ضعف من رفع الحجارة التي كان ولده إسماعيل يناوله إياها في بناء البيت ، وفيه أثر قدميه قاله ابن عباس وجابر وقتادة وغيرهم ، وأخرجه البخاري ـ وهو قول جمهور المفسرين ـ وروي عن الحسن أنه الحجر الذي وضعته زوجة إسماعيل عليهالسلام تحت إحدى رجليه وهو راكب فغسلت أحد شقي رأسه ثم رفعته من تحتها وقد غاصت فيه ووضعته تحت رجله الأخرى فغسلت شقه الآخر وغاصت رجله الأخرى فيه أيضا ، أو الموضع الذي كان فيه الحجر حين قام عليه ودعا الناس إلى الحج ورفع بناء البيت ، وهو موضعه اليوم ـ فالمقام ـ في أحد المعنيين حقيقة لغوية وفي الآخر مجاز متعارف ويجوز حمل اللفظ على كل منهما ـ كذا قالوا ـ إلا أنه استشكل تعيين الموضع بما هو الموضع اليوم لما في فتح الباري من أنه كان المقام أي الحجر من عهد إبراهيم عليهالسلام لزيق البيت إلى أن أخره عمر رضي الله تعالى عنه إلى المكان الذي هو فيه الآن أخرجه عبد الرزاق بسند قوي ، وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن مجاهد أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هو الذي حوله فإن هذا يدل على تغاير الموضعين سواء كان المحول رسول الله صلىاللهعليهوسلم. أو عمر رضي الله تعالى عنه ، وأيضا كيف يمكن رفع البناء حين القيام