المقدّر» إن كان نهيا يلزم تعليل الشيء بنفسه ، وإن كان نفيا يكون مفاد الكلام تعليق عدم وقوع الكتمان في المستقبل بأيمانهم في الزمان الماضي وهو كما ترى (وَبُعُولَتُهُنَ) أي أزواج المطلقات جمع ـ بعل ـ كعم وعمومة ، وفحل وفحولة ـ والهاء ـ زائدة مؤكدة لتأنيث الجماعة ، والأمثلة سماعية لا قياسية ، لا يقال : كعب وكعوبة ، قاله الزجاج «وفي القاموس» ـ البعل ـ الزوج ، والأنثى ـ بعل وبعلة ـ والرب والسيد والمالك والنخلة التي لا تسقى أو تسقى بماء المطر «وقال الراغب» ـ البعل ـ النخل الشارب بعروقه ، عبر به عن الزوج لإقامته على الزوجة للمعنى المخصوص ، وقيل : باعلها جامعها ، وبعل الرجل إذا دهش فأقام كأنه النخل الذي لا يبرح ، ففي اختيار لفظ ـ البعولة ـ إشارة إلى أنّ أصل الرجعة بالمجامعة ، وجوّز أن يكون ـ البعولة ـ مصدرا نعت به من قولك : بعل حسن البعولة ـ أي العشرة مع الزوجة ـ أو أقيم مقام المضاف المحذوف ، أي وأهل (بُعُولَتُهُنَ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) إلى النكاح والرجعة إليهن ، وهذا إذا كان الطلاق رجعيا للآية بعدها ، فالضمير ـ بعد اعتبار القيد ـ أخص من المرجوع إليه ، ولا امتناع فيه كما إذا كرّر الظاهر ، وقيل : بعولة المطلقات (أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) وخصص بالرجعي ، و (أَحَقُ) هاهنا بمعنى ـ حقيق ـ عبر عنه بصيغة التفضيل للمبالغة ، كأنه قيل : للبعولة حق الرجعة ، أي حق محبوب عند الله تعالى بخلاف الطلاق فإنه مبغوض ، ولذا ورد للتنفير عنه «أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق» وإنما لم يبق على معناه من المشاركة والزيادة إذ لا حق للزوجة في الرجعة كما لا يخفى. وقرأ أبيّ «بردّتهن» (فِي ذلِكَ) أي زمان ـ التربص ـ وهو متعلق ب (أَحَقُ) أو (بِرَدِّهِنَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) أي إن أراد البعولة بالرجعة (إِصْلاحاً) لما بينهم وبينهن ، ولم يريدوا الإضرار بتطويل العدّة عليهنّ مثلا ، وليس المراد من التعليق اشتراط جواز الرجعة بإرادة الإصلاح حتى لو لم يكن قصده ذلك لا تجوز للإجماع على جوازها مطلقا ، بل المراد تحريضهم على قصد الإصلاح حيث جعل كأنه منوط به ينتفي بانتفائه (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) فيه صنعة الاحتباك ، ولا يخفى لطفه فيما بين الزوج والزوجة حيث حذف في الأول بقرينة الثاني ، وفي الثاني بقرينة الأول ، كأنه قيل : ولهنّ عليهم مثل الذي لهم عليهنّ ، والمراد ـ بالمماثلة ـ المماثلة في الوجوب ـ لا في جنس الفعل ـ فلا يجب عليه إذا غسلت ثيابه أو خبزت له أن يفعل لها مثل ذلك ، ولكن يقابله بما يليق بالرجال ، أخرج الترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن الأحوص أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال : «ألا إنّ لكم على نسائكم حقا ، ولنسائكم عليكم حقا ، فأمّا حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون ، ألا وحقهنّ عليكم أن تحسنوا إليهنّ في كسوتهنّ وطعامهن» وأخرج وكيع وجماعة عن أنس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : «إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين المرأة لي ، لأن الله تعالى يقول : (وَلَهُنَ)» الآية ، وجعلوا مما يجب لهنّ عدم العجلة إذا جامع حتى تقضي حاجتها. والمجرور الأخير متعلق بما تعلق به الخبر ، وقيل : صفة ل (مِثْلُ) وهي لا تتعرف بالإضافة (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) زيادة في الحق لأنّ حقوقهم في أنفسهن ، فقد ورد أنّ النكاح كالرق أو شرف فضيلة لأنهم قوام عليهن وحرّاس لهن ، يشاركونهنّ في غرض الزواج من التلذذ وانتظام مصالح المعاش ، ويخصون بشرف يحصل لهم لأجل الرعاية والإنفاق عليهن ـ والدرجة ـ في الأصل ـ المرقاة ـ ويقال فيها : (دَرَجَةٌ) كهمزة «قال الراغب» الدرجة ـ نحو المنزلة لكن تقال إذا اعتبرت بالصعود دون الامتداد على البسيط ـ كدرجة السطح والسلم ـ ويعبر بها عن المنزلة الرفيعة ، ومنه الآية فهي على التوجيهين مجاز «وفي الكشف» أن أصل التركيب لمعنى الأناة والتقارب على مهل من ـ درج الصبي إذا حبا ـ وكذلك الشيخ والمفيد لتقارب خطوهما ـ والدرجة ـ التي يرتقي عليها لأن الصعود ليس في السهولة كالانحدار والمشي على مستو ، فلا بدّ من تدرّج ـ والدرج ـ المواضع التي يمر عليها السيل شيئا فشيئا ، ومنه التدرّج في الأمور ، والاستدراج من الله ، والدركة هي الدرجة بعينها لكن في الانحدار ـ والرجال ـ جمع رجل ، وأصل الباب القوّة والغلبة