الخيال والوهم إلى نور اليقين والهداية وفضاء عالم الأرواح (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بالميل إلى الأغيار (أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ) الذي حال بينهم وبين الله تعالى فلم يلتفتوا إليه (يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ) نور الاستعداد والهداية الفطرية إلى ظلمات صفات النفس والشكوك والشبهات (أُولئِكَ) المبعدون عن الحضرة (أَصْحابُ النَّارِ) الطبيعية (هُمْ فِيها خالِدُونَ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) وهو نمروذ النفس الأمارة المجادلة لإبراهيم الروح القدسية التي ألقيت في نار الطبيعة فعادت عليها بردا وسلاما ، أو نمروذ الجبار وإبراهيم الخليل عليهالسلام (أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) الذي هو عالم القوى البدنية وملك هذه الدنيا الدنية (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) الروح أو إبراهيم الخليل (رَبِّيَ) أني من غذيت ببيان أنواره أو إيجاده وهدايته (الَّذِي يُحْيِي) من توجه إليه (وَيُمِيتُ) من أعرض عنه ، أو يحيي ويميت الإحياء والإماتة المعهودتين (قالَ) نمروذ النفس الأمارة ، أو الجبار (أَنَا أُحْيِي) بعض القوى بصرفها في ميادين اللذات واستنشاق ريح الشهوات (وَأُمِيتُ) بعضها بتعطيله عن ذلك برهة ، أو أحي بالعفو وأميت بالقتل (قالَ إِبْراهِيمُ) الروح ، أو الخليل (فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي) بشمس العرفان من مشرقها وهو جانب المبدأ الفياض (فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ) أي أظهرها عد غروبها وحيلولة أرض الوجود بينك وبينها ، أو أن الله ـ يأتي بشمس الروح من مشرقها ـ وهو مبدأها الأصلي فتشرق أنوارها على صفحات البدن ـ فأت بها بعد ما غربت ـ أي فأرجعها إلى من قتله وأمته ، وعلى هذا يكون من تتمة الأول (فَبُهِتَ) وغلب (الَّذِي كَفَرَ) وهو النفس الأمارة المدعية للربوبية على عرش البدن أو نمروذ اللعين (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ) وهو العقل الإنساني (عَلى قَرْيَةٍ) القلب الذي هو البيت المقدس ، أو هو عزيز النبي وكان قدم على بيت المقدس قبل التجلي باسمه تعالى المحيي (وَهِيَ خاوِيَةٌ) خالية من التجليات النافعة ثابتة (عَلى عُرُوشِها) صورها أو ساقطة منهدمة لضعف أس الاستعداد على عروش العزائم (قالَ) لذهوله عن النظر إلى الحقائق (أَنَّى) متى ، أو كيف (يُحْيِي هذِهِ) القرية الله الجامع لصفات الجمال والجلال (بَعْدَ مَوْتِها) بداء الجهل والالتفات إلى السوي (فَأَماتَهُ اللهُ) أبقاه جاهلا مائة عام أي مدة طويلة ، وقيل : هي عبارة في الأصل عن ثمانية أعوام وأربعة أشهر أو خمسة وعشرين سنة ثم بعثه بالحياة الحقيقية وطلب منه الوقوف على مدة اللبث فما ظنها ـ إلا يوما أو بعض يوم ـ استصغارا لمدة اللبث في موت الجهل المنقضية بالنسبة إلى الحياة الأبدية ، أو أماته بالموت الإرادي في إحدى المدد المذكورة فتكون المدة زمان رياضته وسلوكه ومجاهدته في سبيل الله تعالى ، أو أماته حتف أنفه بالموت الطبيعي ثم بعثه بالإحياء قال : بل لبثت في الحقيقة مائة عام (فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ) وكان التين أو العنب ، والأول إشارة إلى المدركات الكلية لكونه لبا كله وكون الجزئيات فيه بالقوة كالحبات التي في التين ، والثاني إشارة إلى الجزئيات لبقاء اللواحق المادية معها في الإدراك كالقشر والعجم (وَشَرابِكَ) وكان عصير العنب واللبن ، والأوّل إشارة إلى العشق والإرادة وعلوم المعارف والحقائق ، والثاني إشارة إلى العلم النافع كالشرائع (لَمْ يَتَسَنَّهْ) أي لم يتغير عما كان في الأول بحسب الفطر مودعا فيك فإن العلوم مخزونة في كل نفس بحسب استعداده الناس معادن كمعادن الذهب والفضة وإن حجبت بالمواد وخفيت مدة بالتقلب في البرازخ وظلماتها لم تبطل لم تتغير عن حالها حتى إذا رفع الحجاب ظهرت كما كانت (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ) وهو القالب الحامل للقلب أو المعنى الظاهر (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً) أي دليلا للناس بعثناك (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ) من القوى (كَيْفَ نُنْشِزُها) ونرفعها عن أرض الطبيعة (ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً) وهو العرفان الذي يكون لباسا لها ، وعبر عنه باللحم لنموه وزيادته كلما تغذت الروح بأطعمة الشهود وأشربة الوصال ، والمعنى الظاهر ظاهر فلما تبين ووضح له ذلك (قالَ أَعْلَمُ) علما مستمرا (أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) ومن جملته ما كان (قَدِيرٌ) لا يستعصى عليه ولا يعجزه (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) بيان لتسديد المؤمنين إثر بيان ولمغايرته لما تقدم كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى غير الأسلوب والظرف منتصب إما بمضمر صرح بمثله في قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا