صحبة التأمت بينك وبينه ، واستحسن جماعة هذا القيل لما فيه من العموم.
وأخرج عبد بن حميد عن علي كرم الله تعالى وجهه ـ الصاحب ـ بالجنب ـ المرأة ، والجار متعلق بمحذوف وقع حالا من الصاحب ، والعامل فيه الفعل المقدر (وَابْنِ السَّبِيلِ) وهو المسافر أو الضيف.
(وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) قال مقاتل : من عبيدكم وإمائكم ، وكان كثيرا ما يوصي بهم صلىاللهعليهوسلم فقد أخرج أحمد والبيهقي عن أنس قال : «كان عامة وصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين حضره الموت الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل يغرغرها في صدره وما يفيض بها لسانه» ثم الإحسان إلى هؤلاء الأصناف متفاوت المراتب حسبما يليق بكل وينبغي (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً) أي ذا خيلاء وكبر يأنف من أقاربه وجيرانه مثلا ولا يلتفت إليهم (فَخُوراً) يعد مناقبه عليهم تطاولا وتعاظما ، والجملة تعليل للأمر السابق.
أخرج الطبراني وابن مردويه عن ثابت بن قيس بن شماس قال : «كنت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقرأ هذه الآية (إِنَّ اللهَ) إلخ فذكر الكبر وعظمه فبكى ثابت فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما يبكيك؟ فقال : يا رسول الله إني لأحب الجمال حتى إنه ليعجبني أن يحسن شراك نعلي قال : فأنت من أهل الجنة إنه ليس بالكبر أن تحسن راحلتك ورحلك ولكن الكبر من سفه الحق وغمص الناس» والأخبار في هذا الباب كثيرة.
(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (٣٧) وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً (٣٨) وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً (٣٩) إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (٤٠) فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً (٤٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً)(٤٣)
(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) فيه أوجه من الإعراب : الأول أن يكون بدلا من من بدل كل من كل ، الثاني أن يكون صفة لها بناء على رأي من يجوز وقوع الموصول موصوفا ، والزجاج يقول به ، الثالث أن يكون نصبا على الذم ، الرابع أن يكون رفعا عليه ، الخامس أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين ، السادس أن يكون مبتدأ خبره محذوف أي مبغوضون ، أو أحقاء بكل ملامة ونحو ذلك ـ مما يؤخذ من السياق ـ وإنما حذف لتذهب نفس السامع كل مذهب ، وتقديره بعد تمام الصلة أولى ، السابع أن يكون كما قال أبو البقاء : مبتدأ (وَالَّذِينَ) الآتي معطوفا عليه ، والخبر (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ) على معنى لا يظلمهم ، وهو بعيد جدا.