من معاني كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلىاللهعليهوسلم وإن خالف ما عليه بعض الأئمة ، لكن لم يخالف ما انعقد عليه الإجماع الصريح من الأمة المعصومة ، وأرى التفرقة بين الفريقين مع ثبوت علم كل في القبول والرد تحكما بحتا كما لا يخفى على المنصف ، وزعمت الشيعة أن المراد «بما أنزل إليك» خلافة علي كرم الله تعالى وجهه ، فقد رووا بأسانيدهم عن أبي جعفر وأبي عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن الله تعالى أوحى إلى نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يستخلف عليا كرم الله تعالى وجهه ، فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعا له عليه الصلاة والسلام بما أمره بأدائه.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : نزلت هذه الآية في علي كرم الله تعالى وجهه حيث أمر سبحانه أن يخبر الناس بولايته فتخوّف رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يقولوا حابى ابن عمه وأن يطعنوا في ذلك عليه ، فأوحى الله تعالى إليه هذه الآية فقام بولايته يوم غدير خم ، وأخذ بيده فقال عليه الصلاة والسلام : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وأخرج الجلال السيوطي في الدر المنثور عن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر راوين عن أبي سعيد الخدري قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم غدير خم في علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه ، وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنا نقرأ على عهد رسول اللهصلىاللهعليهوسلم (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) أن عليا ولي المؤمنين (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) وخبر الغدير عمدة أدلتهم على خلافة الأمير كرم الله تعالى وجهه ، وقد زادوا فيه إتماما لغرضهم زيادات منكرة ووضعوا في خلاله كلمات مزورة ونظموا في ذلك الأشعار وطعنوا على الصحابة رضي الله تعالى عنهم بزعمهم أنهم خالفوا نص النبي المختار صلىاللهعليهوسلم ، فقال إسماعيل بن محمد الحميري ـ عامله الله تعالى بعدله ـ من قصيدة طويلة :
عجبت من قوم أتوا أحمدا |
|
بخطة ليس لها موضع |
قالوا له : لو شئت أعلمتنا |
|
إلى من الغاية والمفزع |
إذا توفيت وفارقتنا |
|
وفيهم في الملك من يطمع؟ |
فقال : لو أعلمتكم مفزعا |
|
كنتم عسيتم فيه أن تصنعوا |
كصنع أهل العجل إذ فارقوا |
|
هارون فالترك له أورع |
ثم أتته بعده عزمة |
|
من ربه ليس لها مدفع |
أبلغ وإلا لم تكن مبلغا |
|
والله منهم عاصم يمنع |
فعندها قام النبي الذي |
|
كان بما يأمره يصدع |
يخطب مأمورا وفي كفه |
|
كف على نورها يلمع |
رافعها ، أكرم بكف الذي |
|
يرفع ، والكف التي ترفع |
من كنت مولاه فهذا له |
|
مولى فلم يرضوا ولم يقنعوا |
وظل قوم غاظهم قوله |
|
كأنما آنافهم تجدع |
حتى إذا واروه في لحده |
|
وانصرفوا عن دفنه ضيعوا |
ما قال بالأمس وأوصى به |
|
واشتروا الضر بما ينفع |