العمل الصالح على الايمان في آيات ، واقتران الايمان بالمعاصي في مثل قوله (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) و (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) وظاهر أنّه لا يجوز الخروج عن ظاهر القطعي إلّا بأقوى أو مثله.
على أنّ مثل ذلك في الروايات كثيرة أيضا ، وأيضا فإنّه أوفق للأصل من عدم اعتبار أمر زائد ، وأقرب إلى معناه اللغوي لقلّة التغيّر وإلى الاستصحاب لبقائه في أفراد معناه اللغوي ، ويقال أيضا لو لا ذلك لزم كفر من صدق بقلبه ويمّم بالإقرار فمنعه مانع من خرس أو خوف من مخالف ، وهو خلاف الإجماع.
واستدلّ على اعتبار الإقرار بثبوت الكفر مع المعرفة كما في قوله تعالى (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) و (جَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) وفيه نظر واضح وفي البيضاوي : لعلّه الحق في المتمكن منه ، لأنّه تعالى ذمّ المعاند أكثر من ذمّ الجاهل المقصّر ، وللمانع أن يجعل الذمّ للإنكار لا لعدم الإقرار ، وأما أنّه لا يجوز مع التمكّن منه تركه ، فان سلّم فلا يستلزم اعتباره شطرا ولا شرطا وأما أنّ الإسلام قد اعتبر فيه الإقرار والايمان إمّا مرادف له أو أخصّ ففيه ما فيه ، والمذكور من حجج المعتزلة لا يخلو من ضعف.
إلّا أنه ظاهر أخبار كثيرة (١) عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام خصوصا الرضا عليهالسلام حتّى كاد أن يبلغ التواتر ، وقد يفهم تأييده من أخبار كثيرة أيضا حيث يدلّ على خروج المؤمن بالفسق عن الايمان ، ثمّ إذا تاب صار مؤمنا ، وقد حمل الجميع جماعة على الايمان الكامل الكائن للمتّقين المخلصين جمعا بين الأدلّة.
ولعلّ كون الايمان التصديق بطريق الانقياد على وجه يستتبع مقتضاه شرعا من عدم ما يخرجه من الدين أو من اجتناب الكبائر فعلا أو تركا أقرب ، ولا تأويل حينئذ إلّا فيما دلّ على اعتبار الإقرار والأعمال شطرا أو شرطا مطلقا ، وهو لازم ، وإلّا لزم
__________________
(١) ترى الاخبار مبثوثة في المجلد الخامس عشر من كتاب البحار ط كمپانى.