وأيضا فإنه أقرب عرفا من جميع النوافل والفرائض لمزيد اختصاص الفرائض ، وتفارقها وتبادرها عند الإطلاق كثيرا.
وظاهر البغويّ في المعالم أنّ المراد بالخشوع والمحافظة كليهما في الفرائض ، حيث قال : كرّر ذكر الصلاة ليبيّن أنّ المحافظة عليها واجبة كما أنّ الخشوع فيها واجب.
وبالجملة فيهما ترغيب وتحريص على الصلاة كما وكيفا ، جنانا وأركانا ، وشيخنا دام ظله (١) فهم من كلام الكشاف أنّ المحافظة لا بدّ أن يكون جميعها بخلاف الخشوع ، فإنّه يكفي في الواحدة أيّها كانت ، والظاهر أنّه لا يريد ذلك بل إنه لا نظر فيه إلى النوع والشخص ، بل إلى الجنس فقط ، نعم على القول بإرادة الفرائض مطلقا أو اليوميّة يمكن الاكتفاء بها أمّا بغيرها فلا ولا بواحدة نوعا أو شخصا.
(أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ.)
أى من كان بهذه الصفات واجتمعت فيه هذه الخلال ، هم الوارثون يوم القيمة منازل أهل النار من الجنّة ، فقد روي (٢) عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : «ما منكم من أحد إلّا وله منزل في الجنّة ، ومنزل في النار ، فان مات ودخل النار ورث أهل الجنّة منزلة» وقيل : معنى الميراث هنا أنّهم يصيرون إلى الجنة بعد الأحوال المتقدّمة ، وينتهي أمرهم إليها كالميراث الذي يصير الوارث إليه ، والفردوس اسم من أسماء الجنّة وقيل اسم لرياض الجنّة : المجمع.
وفي الكشاف : أي أولئك الجامعون بهذه الأوصاف الوارثون الأحقّاء بأن يسموا وراثا من دون من عداهم ، ثمّ ترجم الوارثين بقوله (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) فجاء بفخامة
__________________
(١) انظر زبدة البيان ص ٥٤.
(٢) المجمع ج ٤ ص ٩٩ وزبدة البيان ص ٥٤ ومسالك الافهام ج ١ ص ١٤٠ وقريب منه في اللسان كلمة فردس وقريب منه في الدر المنثور ج ٥ ص ٦ عن سعيد بن منصور وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث.