بيت أو ألف قاله الكشاف ، وقيل موضعا تسكنون فيه وقت إقامتكم كالبيوت المتّخذة من الحجر والمدر ، فالأوّل مفاد اللغة والثاني مفاد الآية. (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً) كالقباب والأبنية المتّخذة من الأدم والأنطاع قال القاضي ويجوز أن يتناول المتّخذة من الوبر والصوف والشعر ، فإنّها من حيث أنها نابتة على جلودها يصدق عليها أنها من جلودها فليتأمل.
(تَسْتَخِفُّونَها) تجدونها خفيفة وقت ترحالكم رفعا ولمّا وزمّا ونقلا ، ووقت نزولكم وإقامتكم حلا ونصبا ، ويمكن أن يكون ذلك كلّه يوم الظعن أي السفر ونحوه أيّام الإقامة أي الحضر وإن قلّ فتأمل ، وقيل : الظاهر أنّ الأصواف تختصّ بالضائنة منها ، والأوبار بالإبل ، والأشعار بالمعز ، أو والبقر ، وفيه نظر ، والإضافة إلى ضمير الأنعام لأنّها من جملتها فلا يقدح لو ثبت شيء من ذلك والأثاث أنواع متاع البيت من الفرش والأكسية ، وقيل المال والمتاع ما يتجر به من سلعة أو ينتفع به مطلقا.
(إِلى حِينٍ) إلى أن تقضوا منه أوطاركم أو إلى حين مماتكم ، وزاد القاضي : إلى مدة من الزّمان ، فإنّها لصلابتها تبقى مدّة مديدة ، وفي مجمع البيان إلى يوم القيمة عن الحسن. وقيل إلى وقت الموت ، يحتمل أنه أراد به موت المالك أو موت الأنعام ، وقيل إلى وقت البلى والفناء ، وفيه إشارة إلى أنها فانية ، فلا ينبغي للعاقل أن يختارها انتهى.
وقيل الأوّل بعيد ويمكن أن يقال المراد انقضاء الدنيا وانقطاع الإنسان منها فليس ببعيد ، وفي الآية دلالة على جواز اتّخاذ الملابس والفرش وغيرها ، وأنواع انتفاع يمكن من أصوافها وأوبارها وإشعارها ، وجواز الصلاة فيها وعليها إلّا ما أخرجه الدليل من عدم جواز السجود ونحوه ، وطهارتها ولو من الميتة لإطلاق اللفظ ، إن قيل فكذا الجلد ، قيل فرق ، على أنّ الجلد من الميتة فتذكّر وتأمل.
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً) أشياء تستظلّون بها في الحرّ والبرد كالأشجار والأبنية وغيرها ، أو ممّا خلق من المستظلّات ظلالا.
(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) جمع كنّ وهو ما يستكنّ به من البيوت