المنحوتة في الجبال والغيران والكهوف.
(وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ) هي القمصان والثياب من الكتّان والقطن والصوف وغيرها (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أي والبرد وترك لدلالة الكلام عليه عرفا ، لجريان العادة بذكر الحرّ والبرد كذلك معا ، وشيوعه حتّى يفهم بالأوّل منهما الثاني أيضا ، فاكتفى به على أنّ البرد أولى بالحكم هنا لأنّ وقاية الثياب من البرد أظهر ، وقصد دفعه بها أكثر ، فيكون مرادا بالطريق الاولى.
وفي الكشاف : لم يذكر البرد لأنّ الوقاية من الحرّ أهمّ عندهم ، وقلّ ما يهمّ البرد لكونه يسيرا محتملا وقيل ما يقي من الحرّ يقي من البرد ، فدلّ ذكر الحر على البرد.
وقال شيخنا دام ظلّه (١) ترك البرد لأنّ ما يقيه يقيه ، واختار الحرّ على البرد ، لانّ المخاطبين أهل الحرّ ، وليس البرد إلّا قليلا ، فالحفظ عنه أهمّ عندهم وقيل إنّ الحر يقتل دون البرد ، ويحتمل أن يكون لأنّ البرد يمكن دفعه بشيء آخر مثل النّار والدّخول في البيوت ، وخصّه بالذكر اكتفاء بأحد الضدين ، أو لأنّ وقاية الحرّ كانت أهمّ عندهم.
(وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) شدّة الطعن والضرب في الحروب ، والسر بال عام يقع على ما كان من حديد وغيره ، والمراد هنا نحو الدروع والجواشن ، وفي الآية دلالة على إباحة هذه الأشياء عملا وانتفاعا خصوصا في الأغراض المذكورة بل استحبابها أو وجوبها ، وهو ظاهر.
(كَذلِكَ) كإتمام هذه النعم (يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) تنظرون في نعمه الفائضة فتؤمنون به أو تنقادون لحكمه ، وقرئ تسلمون من السلامة أي تشكرون فتسلمون من العذاب ، أو تنظرون فيها فتسلمون من الشرك ، وقيل تسلمون من الجراح بلبس الدروع.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ. يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ
__________________
(١) زبدة البيان ٧٥ ط المرتضوي.