بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(لْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.)
اعلم أنّ جمعا من المفسرين صرّحوا بأنّ هذا مقول على ألسنة العباد ، ومعناه تعليم عباده كيف يتبرّكون باسمه ، وكيف يحمدونه ويمجّدونه ، ويسألون من فضله وهو واضح كما يشهد به إيّاك نعبد إلخ ، وتسميتها تعليم المسئلة.
إذا تمهّد هذا فنقول : في التصدير بالبسملة دلالة على استحباب الابتداء بها في الأمور كلّها ، خصوصا الدّعاء ، سيّما مع كون متعلّق الباء الابتداء فعلا أولا حتّى قال الشيخ أبو على الطبرسيّ «معناه استعينوا في الأمور باسم الله بأن تبدؤا بها في أوائلها كما فعله في القرآن» وفي الوصف بالرّحمن الرّحيم المشتمل على أنواع الرحمة كلّها تنبيه على هذا العموم كما لا يخفى.
قال القاضي (١) إنّما خصّ التسمية بهذه الأسماء ، ليعلم العارف أنّ المستحق لأن يستعان به في مجامع الأمور ، هو المعبود الحقيقي الذي هو مولى النعم كلّها ، عاجلها وآجلها ، جليلها وحقيرها ، فيتوجّه إليه بشراشره ، ويشتغل بالاستمداد به عن غيره. وفيها تنبيه أيضا على قدرته تعالى واختياره وعلمه وعمومه فيها وترغيب للعباد ، وتغليب للرجاء ، وترهيب ما على تركها ، فيكره.
ويستفاد استحباب الدّعاء والسؤال والتوبة إليه تعالى وكراهة الترك بل وجوب
__________________
(١) انظر البيضاوي ج ١ ص ٢٠ ط مصطفى محمد.