وما رواه الصّدوق (١) عن محمّد بن مسلم : سأل أبا جعفر عليهالسلام عن الرّجل يسلّم على القوم في الصّلاة فقال إذا سلّم عليك مسلم وأنت في الصّلاة فسلّم عليه بقول «السّلام عليك» وأشر بأصابعك ، وغير ذلك من الرّوايات.
ويردّ الاكتفاء بإشارة أنّه خلاف ظاهر القرآن ، وإلا لكفى في غير الصّلاة ، ويردّ التأخير ما تقدم من الفوريّة المستفادة من الآية وكذا الرّوايات ، ولذلك قال العلّامة رحمهالله : بل لو اشتغل بالقراءة عقيب التّسليم عليه ولم يشتغل بالردّ بطلت صلاته ، لأنّه فعل منهيّ عنه. ولا يريد حصر الحكم في القراءة ، بل المراد الاشتغال بشيء من أجزاء الصّلاة مناف للردّ الواجب على وجهه ، لأنّ الأمر بالشيء يستلزم النهى عن ضدّه الخاص كما حقّق في موضعه.
لا يقال سلّمنا الفوريّة ولكن الموالاة في الصّلاة خصوصا بين أجزاء القراءة واجبة فورا أيضا فلا نسلّم وجوب تقديم الردّ ، لأنّا نقول قد علم وجوب تقديم الردّ من الروايات ، على أنّ الأصل عدم اعتبار الموالاة بحيث تنافي الردّ مع الوجوب فورا.
ثمّ لا يخفى أنّ ما اشتغل به من غير الردّ إنّما تبطل به الصّلاة إذا وصل إلى حدّ يدخل تحت المبطلات ، كأن يكون كلاما بحرفين أو واحدا مفهما من غير الاجزاء الواجبة للصلاة ، أو من الواجبة ولو حرفا غير مفهم ولم يتدارك ، أو فعلا كثيرا أو قليلا مع عدم التدارك ، والظّاهر عدم القدح مع نسيان السّلام أو وجوب الردّ ، وكذا جهل السّلام ، أمّا جاهل الوجوب أو الفورية مع ظنّ عدم جواز الردّ في الصّلاة أو عدمه ، فلا يبعد صحة صلاته والله أعلم.
واعلم أنّه لا يبعد أن يقال الفوريّة المفهومة في جواب السّلام ، إنّما هو تعجيله بحيث لا يعدّ تاركا ، ولا يخرج عن حدّ الكلام والجواب ، فلا يبعد أن لا يضرّ الاشتغال
__________________
(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب قواطع الصلاة ح ٤ ص ١٢٦٦ المسلسل ٩٣٠٩.