أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً.)
ثمّ ابتدأ سبحانه ببيان صلاة الخوف في جماعة ، فقال (وَإِذا كُنْتَ) يا محمّد (فِيهِمْ) أي في أصحابك الضاربين في الأرض الخائفين عدوّهم ، قاله في مجمع البيان وهو الذي يقتضيه اتصال الآية بما قبلها ، وسياقها في نفسها مع شأن نزولها ، فلا عموم لها حتّى يستدلّ به على جواز صلاة الخوف في الحضر أيضا كما في المنتهى.
وحيث شرط كونه عليهالسلام فيهم ، ذهب بعض الجمهور إلى اختصاص الصلاة على هذا الوجه بحضوره صلىاللهعليهوآله متعلّقا بالآية وأجيب بأنّه مفهوم المخالفة ، أو مفهوم اللقب ، والحقّ أنّ المفهوم مفهوم شرط لكنّه ليس مفاده عدم مشروعيتها بل أن لا تقوم الطائفة معه صلىاللهعليهوآله إلخ ولا دلالة لهذا على عدم مشروعيتها بدونه ، نعم لا دلالة فيها على شرعيّتها مع غيره أيضا بل يثبت بدليل التأسي.
(فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) بحدودها وركوعها وسجودها عن الحسن ، وقيل أقمت لهم الصلاة بان تؤمهم (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) في صلاتك ، وليكن سائرهم في وجه العدوّ فلم يذكر ما ينبغي أن تفعله الطائفة غير المصلّية لدلالة الكلام عليه.
(وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) أى الطائفة المصلّية لظاهر السياق نظرا إلى ما قبل وما بعد ، فيأخذون من السلاح ما لا يمنع واجبا في الصلاة كالسيف والخنجر والسكّين ونحوها ، وجوبا لظاهر الأمر ، ولقوله آخرا (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً) الاية ، حيث نفى الحرج والإثم بشرط الأذى ، فيثبت مع عدمه ، وقال أبو حنيفة وأحمد والشافعيّ في قول استحبابا ، وعلى الأوّل لو كان السلاح نجسا لم يجز أخذه على قول ، وقيل بالجواز عملا بالعموم ، والوجه اعتبار الحاجة.