الآخرة فيعودوا إليها؟ ويجاب بوجوه أحدها أنّهم راجعون بالإعادة في الآخرة عن أبي العالية.
وثانيها أنّهم كانوا أمواتا فأحيوا ثمّ يموتون فيرجعون أمواتا كما كانوا.
وثالثها أنّهم يرجعون بالموت إلى موضع لا يملك أحد لهم خيرا ولا نفعا غيره تعالى ، كما كانوا في بدو الخلق ، فإنّهم في أيام حياتهم قد يملك غيره الحكم عليهم والتدبير لنفعهم وضرّهم بوجه ، وتحقيقه أنّهم يقرّون بالنشأة الثانية ، فجعل رجوعهم بعد الموت إلى المحشر رجوعا إليه.
الثالثة عشرة [الأعراف ٢٠٥] (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ، وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ ، إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ.)
في المجمع (١) الإنصات السكوت مع استماع ، قال ابن الأعرابي : نصت وأنصت وانتصت : استمع الحديث وسكت وأنصت وأنصت له وأنصت الرجل سكت ، وأنصت غيره عن الأزهري ، وفي القاموس (٢) نصت ينصت وأنصت وانتصت سكت : والاسم النصتة بالضم ، وأنصته وله سكت له واستمع لحديثه وأنصته أسكتّه.
فلما قدم هنا الأمر بالاستماع له ، فالظاهر أنّ الإنصات إمّا بمعنى السكوت أو هو مع الاستماع تأكيدا فيه أيضا ، فالحمل على مجرد الاستماع بعيد.
في المجمع (٣) اختلف في الوقت المأمور بالإنصات للقرآن والاستماع له ، فقيل إنّه في الصلاة خاصّة خلف الإمام الذي يؤتمّ به إذا سمعت قراءته ، عن ابن مسعود وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيّب ومجاهد والزهريّ ، وروي ذلك عن أبي جعفر
__________________
(١) المجمع ج ٢ ص ٥١٥.
(٢) القاموس كلمة نصت.
(٣) ترى ما افاده هنا الى قوله وقال أحمد بن حنبل أجمعت الأمة على انها نزلت في الصلاة ـ في المجمع ج ٢ ص ٥١٥ فلا نطيل الكلام بإخراج الأحاديث.