ذلك فيجب مقتضاه أولا؟ والثاني أظهر والأوّل أحوط.
الربعة عشرة [الكهف ١١١] (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ.)
قال ابن عباس علّم الله نبيه التواضع لئلا يزهي على خلقه فأمره أن يقرّ على نفسه بأنه آدمي كغيره الا أنه أكرم بالوحي.
(فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ.)
أي يأمل حسن لقاء ربّه ، وأن يلقاه لقاء رضا وقبول أو يخاف سوء لقائه ، قاله الكشاف (١). ثمّ قال (٢) : لقاء الله مثل للوصول إلى العاقبة من تلقّى ملك الموت والبعث والحساب والجزاء ، مثّلت تلك الحال بحال عبد قدم على سيّده بعد عهد طويل ، وقد اطلع مولاه على ما كان يأتي ويذر ، فإما أن يلقاه ببشر وترحيب لما رضي من أفعاله ، أو بضدّ ذلك لما سخطه منها ، فمعنى يرجو لقاء الله يأمل تلك الحال ، وأن يلقى فيها الكرامة من الله والبشرى.
وفي المجمع (٣) أى يطمع في لقاء ثواب ربّه ويأمله ، ويقرّ بالبعث إليه والوقوف بين يديه ، وقيل : معناه يخشى لقاء عقاب ربّه ، وقيل : إنّ الرجاء يستعمل على كلا المعنيين الخوف والأمل ، وأنشد في ذلك قول الشاعر :
فلا كلّ ما ترجو من الخير كائن |
|
ولا كلّ ما ترجو من الشرّ واقع |
ولا يخفى أنّ حاصل تفسيره لا يبعد مما في الكشاف وأنّ الظاهر كون الرجاء مجازا في الخوف والاكتراث كما صرّح في الأساس ، بل في الأمل والخوف جميعا إن استعمل فتأمّل.
(فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً.)
أي نافعا متضمّنا للصلاح لا فاسدا متضمنا للفساد والشر ، وفي المجمع أي خالصا
__________________
(١) الكشاف ج ٢ ص ٧٥٠.
(٢) يعني في موضوع آخر.
(٣) المجمع ج ٣ ص ٤٩٩.