أن يراد به ما تضمنه الأوصاف من الايمان وغيره ، فحذفه لدلالة الأوصاف عليه على أبلغ وجه ويمكن أن يراد أعمّ مما تضمّنه الأوصاف وغيره ولو مبالغة.
ويمكن أيضا أن يراد به تولية الوجه شطر المسجد الحرام فلا يبعد أن يكون المراد بالاية ليس البرّ في أمر القبلة ما تفعلونه أنتم يا أهل الكتاب ، بل البرّ فيه فعل من آمن فلا يبعد أن يكون ذكر الأوصاف إشارة إلى أنّ محامد المسلمين ومبرّاتهم كثيرة ليست منحصرة في أمر القبلة مثلهم بحسب ما يشهد به خوضهم ، وترغيبا في الدخول فيما دخلوا ، وتنبيها على أنّ ذلك البرّ مرتبة بعد هذه المبرّات أو أنّ هذه شروط لكون هذا برّا كما قيل فتأمل.
(بِاللهِ) في المجمع (١) أي صدّق بالله ، ويدخل فيه جميع ما لا يتمّ معرفة الله سبحانه إلّا به كمعرفة حدوث العالم وإثبات المحدث وصفاته الواجبة والجائزة ، وما يستحيل عليه ، ومعرفة عدله وحكمته (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ويدخل فيه البعث والحساب والثواب والعقاب (وَالْمَلائِكَةِ) بأنهم موجودون وعباد الله المكرمون : إياه يعبدون وبأمره يعملون (وَالْكِتابِ) جنس كتب الله أو القرآن بأنه حقّ منزل من عند الله (وَالنَّبِيِّينَ) بأنهم مبعوثون إلى الناس معصومون وما أتوا به حقّ.
(وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) الجارّ والمجرور في موضع الحال أي مع حبّ المال كما روي (٢) عنه عليهالسلام أنه لما سئل أيّ الصدقة أفضل؟ قال : هو أن تعطيه وأنت صحيح شحيح تأمل العيش وتخشى الفقر ، أو الضمير لمن ، والإضافة إلى الفاعل ، ولم يذكر المفعول للظهور ، وهذا والأول في المعنى سواء.
ويمكن كونه إشارة إلى أن ذلك لا على جهة السفاهة ، وعدم معرفته بقدر المال والمصالح المتعلقة به ، فإنه على هذا الوجه لا يكون صفة مدح بل بمقتضى الايمان على
__________________
(١) المجمع ج ١ ص ٣٦٣.
(٢) انظر البخاري بشرح فتح الباري ج ٤ ص ٢٧ باب فضل صدقة الشحيح والنسائي ج ٥ ص ٦٨ والكشاف ج ١ ص ٢١٨ والجامع الصغير بشرح فيض القدير ج ٢ ص ٣٦ الرقم ١٢٥٨ عن أبي هريرة أخرجه عن أحمد والبخاري ومسلم وابى داود والنسائي مع زيادة وتفاوت.