(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(١) نعمته أو إتمام النعمة أو هما بالعمل بما شرع لكم ، فيثيبكم ويزيدكم من فضله ، وفيه كما قيل إيماء إلى كون العبادات تقع شكرا وهو قول البلخيّ وتحقيقه في الكلام.
هذا ولنعد إلى ما بقي من الأبحاث والتنبيه على الأحكام.
فاعلم أنّ ظاهر الأمر الوجوب ، وإذا تفيد العموم عرفا ، فقد يلزم وجوب الوضوء لكلّ صلاة ، لكن الحقّ أنه هنا مقيّد بالمحدثين ، لما قدّمنا ، وللإجماع والاخبار ، وقيل : كان الوضوء واجبا لكلّ صلاة أوّل ما فرض ، ثمّ نسخ وهو مع ما ضعّف به من أنّه
__________________
الثالث أن الاسم مفرد وجاء على لغة القصر كقولهم «مكره أخاك لا بطل» واللام وما بعدها الخبر ، وهو مذهب الفارسي وابن يسعون وابن الطراوة انتهى ما أردنا نقله.
انظر البحث في ذلك الكتاب ج ١ ص ٣١٥ وص ٣٤٥ والمغني حرف اللام والكامل للمبرد ج ٤ ص ٩٥١ والاشمونى بحاشية الصبان ج ٢ ص ٢١٥ واللسان والتاج ومعيار اللغة كلمة (ا ب و ـ ى) والحدائق الندية بحث الإضافة وفتح الباري ج ١٥ ص ٣٣٦ وشرح النووي على صحيح مسلم ج ٢ ص ١٧٤ وشرح الزرقاني على موطإ مالك ج ٤ ص ٤٣١ والخصائص لابن جنى ج ١ من ص ٣٤٢ الى ص ٣٤٦.
(١) لعل وعسى موضوعان للترجى في المحبوب ، وهو الطمع في حصول أمر محبوب والإشفاق للمكروه ، وهو توقع أمر مخوف ممكن اما بالاشتراك اللفظي أو المعنوي ، وكون المعنى ارتقاب شيء لا وثوق بحصوله حتى يدخل فيه الطمع والإشفاق ، ولما كان اعتوار المعاني على الله سبحانه محالا وكون الترجي والإشفاق فيمن يجهل العاقبة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، استصعب الأمر في الكلمتين المستعملتين في القرآن فمنهم من صرف الترجي والإشفاق الى المخاطبين ، ومنهم من قال ان لعل وعسى من الله واجبة ، وقيل في لعل انها للتعليل.
والذي يحق أن يقال هو أنهما لإنشاء أمر متردد بين الوقوع وعدمه على رجحان الأول اما محبوب فيسمى رجاء واما مكروه فيسمى إشفاقا ، وذلك قد يعتبر تحققه بالفعل ، اما من جهة المتكلم أو المخاطب ، تنزيلا له منزلة المتكلم في التلبس التام بالكلام الجاري بينهما أو غيرهما كما قيل في قوله تعالى (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) وقد يعتبر تحققه بالقوة إيذانا بأن ذلك مئنة للتوقع متصفة بصلاحيته للوقوع ، وأنه في معرض التوقع في حد