البحث الثالث
في أمور تتبع الإخراج وفيه آيات
منها في البقرة [٢٧٢] (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ) من مال أو ما يعم كل معروف فإنه ضدّ الشرّ إلا أنّ الإنفاق ربما لا يساعد عليه لاختصاصه بالمال أو أخصّ منه كالدراهم والدنانير فتأمل.
(فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) قيل حال ، وقيل عطف على ما قبله أي ليس إنفاقكم إلّا لوجه الله على ما هو شأنكم أو على ما زعمتم فلا تمنّوا ولا تنفقوا الخبيث الذي لا يليق بابتغاء وجه الله ولا ترضون لأنفسكم.
في المجمع (١) هذا إخبار من الله تعالى عن صفة إنفاق المؤمنين المخلصين المستجيبين لله ورسوله أنهم لا ينفقون ما ينفقونه إلّا طلبا لرضا الله هذا ويمكن خروج ذلك مخرج المبالغة كأنّ ما ليس لابتغاء وجه الله ليس بإنفاق أصلا أو على معنى أنكم لا تنفقون شيئا إلّا ابتغاء وجه الله فإنّه الذي يوجب الأجر والثواب.
ويحتمل أن يكون المعنى لا تنفقون إنفاقا ينفعكم إلّا لابتغاء وجه الله فافهم وقيل : نفى في معنى النهى ، فيستفاد اشتراط القربة وعدم اعتبار غيرها فابتغاء وجهه بالعمل هو النيّة.
قال في المجمع في ذكر الوجه هنا قولان : أحدهما أنّ المراد منه تحقيق الإضافة ودفع إيهام الشركة وذلك أنك لما ذكرت الوجه ومعناه النفس ، دلّت على أنك تصرف الوهم عن الإشراك إلى تحقيق الاختصاص فكنت بذلك محقّقا للإضافة ، ومزيلا لإيهام الشركة. والثّاني أنك إذا قلت فعلته لوجه زيد كان أشرف في الذكر من فعلته له ، لأنّ وجه الشيء في الأصل أشرف ما فيه ، ثمّ كثر حتى صار يدلّ على شرف الذكر من غير تحقيق وجه ألا ترى أنك تقول وجه الرأي ووجه الدليل ووجه الأمر فلا تريد تحقيق الوجه
__________________
(١) المجمع ج ١ ص ٣٨٦.