لكن بنى الكلام على ما هو أهمّ وهو بيان المصرف لأنّ النفقة لا يعتدّ بها إلّا أن تقع موقعها.
وعن ابن عباس (١) أنه جاء عمرو بن الجموح وهو شيخ همّ وله مال عظيم فقال ما ذا ننفق من أموالنا وأين نضعها؟ فنزلت وحينئذ فتخصيص الأوّل في السؤال لعلّه لاهتمام السائل به واعتقاده أنّ تحقيقه أهمّ وهو أدخل في القبول وترتّب الأجر ففي الجواب أشير إلى خلافه ، وقيل : المراد ما ذا ينفقون على وجه كامل تأمّل.
في المجمع (٢) المراد بالوالدين الأب والامّ والجدّ والجدّة وإن عليا ، لأنهم يدخلون في اسم الوالدين ، وبالأقربين قرابة المعطي ، واعلم أنه يلوح من بعض دخول الأولاد في الأقربين ، وفيه نظر وكان الأوّل على التغليب أيضا فتأمل.
وقد اختلفوا في هذه النفقة ، فقال الحسن : المراد نفقة التطوّع على من لا يجوز وضع الزكاة عنده والزكاة لمن يجوز وضع الزكاة عنده ، فهي عامّة في المفروضة والتطوّع قاله في المجمع ، والأظهر في هذا المعنى إرادة الأعمّ (٣) وأنها في هؤلاء على حسب ما يجوز شرعا ، فيدخل الزكاة والنفقة الواجبة وصلة الأرحام ، وسائر مندوبات الصدقات ، كما ذهب إليه صاحب الكنز.
ويمكن الحمل على الواجبة على نحو ذلك فلا ينافي ذكر الوالدين لوجوب نفقتهما ، بل على الزكاة المفروضة لجواز إعطاء الوالدين لا في جهة النفقة كسهم الرقاب والغارمين ، بل ومن سهم الفقراء على ما قيل مثل إعطائهما ما يحتاجان إليه في طلب العلم أو الاشتغال بالعبادة زيادة على الواجب ، أو مؤنة الزواج ونحو ذلك.
وفي الكشّاف وعن السدّي (٤) هي منسوخة بفرض الزكاة ، وأجيب بعدم المنافاة
__________________
(١) الكشاف ج ١ ص ٢٥٧.
(٢) المجمع ج ١ ص ٣١٠.
(٣) قد أوضحنا مرارا انه لا مانع من جمع الواجب والمندوب في جملة واحدة وان الحاكم بوجوب إطاعة أمر المولى انما هو العقل وما ورد من الرخصة في الترك يكون واردا على هذا الحكم من العقل.
(٤) الكشاف ج ١ ب ٢٥٧.