وسدّ جوعة المسلم ، وفي الحج دون النفل لإقران الوعيد به ، وقيل : يدخل فيه النفل أيضا. في المجمع وهو الأقوى (١) لأنه أعمّ ، ولانّ الآية ليس فيها وعيد على ترك النفقة وإنّما فيها إخبار عن عظم أهوال يوم القيمة وشدائدها.
وفيه تأمل نظرا إلى ما يأتي ونظرا إلى ما تقدّم ، ويكون الأمر حينئذ لمطلق الرجحان أى أنفقوا من قبل أن يأتي يوم لا تقدرون فيه على تدارك ما فرّطتم ، والخلاص من تبعته من العذاب. أو الفوز بعظيم الأجر والثواب ، إذ لا بيع فتحصلون ما تنفقون أو تفتدون به ، ولا خلّة حتى يعينكم أخلّاؤكم أو يسامحونكم به.
ولا شفاعة فيكون لكم شفيع يشفع لكم ، فمن فاته هنا فقد فاته هذا ، وقد قال تعالى (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) والأمة أجمعت على إثبات الشفاعة يوم القيمة ، وتدلّ عليه آيات وأخبار كثيرة فاما أن يكون المراد النفي مطلقا لتارك الإنفاق كما هو المناسب بتمام الربط ، وظاهر السياق ، أو نفى ما يجوز الاعتماد عليه في التدارك ، أو المراد إلّا ما استثني وهو مما لا يجوز الاعتماد عليه في ذلك لاشتراط الاذن والرضا منه ، يقال فقد لا يأذن له ولا يرضى لعدم استئهاله.
(وَالْكافِرُونَ) قيل أى تاركوا الإنفاق (هُمُ الظَّالِمُونَ) فعبّر عن تركه بالكفر كما عبّر عن ترك الحجّ به ، وحصر الظالمين فيهم أيضا للمبالغة ، ومزيد الاهتمام به أو المراد والكافرون هم مقيمون على ظلم أنفسهم فلا تكونوا مثلهم وأنتم مؤمنون إشارة إلى أن ترك الإنفاق ظلم وهو من صفات الكفّار لا يجوز للمؤمنين الاتّصاف به ، وربما أومأ إلى أنّ إصرار ذلك قد يلحقهم بهم ، ويدلّ عليه بعض الروايات في منع الزكاة فتأمل.
أو المراد الكافرون بهذا اليوم هم الظالمون أنفسهم مطلقا ، أو بمنع الإنفاق كما في قوله (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) وهذا قريب من السابق ، ويجوز أن يكون تخصيص الكافر بالظلم باعتبار أنهم الكاملون في الظلم ، و
__________________
(١) انظر المجمع ج ١ ص ٣٦٠.