اغسلوا أنه إلغاز وتعمية فليتأمل.
وأما قراءة النصب (١) فلأنّه معطوف على محلّ (بِرُؤُسِكُمْ) ومثله معروف شائع كثير في القرآن وغيره ، وعطفه على وجوهكم مع تماميّة ما تقدّم وانقطاع هذا عنه بالفصل بقوله (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) والعدول عن العامل والمعطوف عليه القريبين إلى البعيدين في جملة أخرى بعيد جدّا غير معروف ولا مجوّز ، سيّما مع عدم المقتضي كما هنا ، وقد عرفت فتذكّر.
ثمّ ظاهر الآية عدم الترتيب بينهما ، كما عليه أكثر الأصحاب ، ويؤيّده الأصل.
تنبيه : الظاهر أنّه لا يشترط في المسح عدم تحقّق أقلّ الغسل معه أي جريان الماء في إمرار اليد لصدق الاسم المذكور في الكتاب والسنّة والإجماع حينئذ لغة وعرفا وللزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة لو كان شرطا ، إذ لم يبين ، ولأنه تكليف شاقّ
__________________
(١) وزبدة المخض في المسئلة أنه اختلف انظار علماء الإسلام في نوع طهارة الأرجل من أعضاء الوضوء فالامامية الاثنا عشرية ذهبوا الى تعين المسح فرضا تبعا لأئمتهم وهو مذهب ابن عباس وأنس بن مالك وعكرمة والشعبي وابى العالية وهو المروي في كتب أهل السنة عن على عليهالسلام.
وجمهور فقهاء أهل السنة على وجوب الغسل فرضا على التعيين وعليه الأئمة الأربعة منهم.
ورب قائل بالتخيير بينهما كما نقل عن الحسن البصري والطبري والجبائي وأوجب داود بن على الظاهري والناصر للحق من أئمة الزيدية الجمع بين الغسل والمسح وكأنهما وقعا في حيرة فالتبس الأمر عليهما بسبب التعارض بين الآية والاخبار فأوجبا الجمع.
والذي تقتضيه الآية قطعا انما هو تعين المسح كما عليه الإمامية ولتوضيح ذلك نقول أنه قد نقل القرائتان في وأرجلكم نصب اللفظ وجرة عن السبعة المدعى تواترها لم ينقل غيرهما الا شاذا كما في شواذ القرآن لابن خالويه ص ٣١ نقل قراءة الرفع عن الحسن ، وكذا في الكشاف ج ١ ص ٦١١ وسنتكلم في تلك القراءة أيضا ، وعلى القراءتين المشهورتين اما ان نقول : القرائتان متواترتان وبكلتيهما نزل القرآن ونزله روح الأمين على قلب النبي كما عليه أكثر أهل السنة أو نقول ان النازل انما هو احدى القرائتين والتبس الأمر علينا ولم نعلم أيهما عين ما نزل