في الكشاف (تَنْزِيلٌ) صفة رابعة للقرآن أي منزّل (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) أو وصف بالمصدر ، لأنه نزل نجوما بين كتب الله تعالى فكأنه في نفسه تنزيل ، ولذلك جرى مجرى بعض أسمائه ، فقيل جاء في التنزيل كذا ونطق به التنزيل ، أو هو تنزيل على حذف المبتدء ، وقرئ «تنزيلا» على «نزل تنزيلا» انتهى ، وأيضا اطّلاع الملائكة على ما في اللوح المحفوظ ومسّهم إيّاه غير واضح ، فان مفاد بعض الاخبار وكلام بعض الأخيار خلافه ، وكذلك قيل في تفسير (مَكْنُونٍ) : مستور عن الخلق [ولم يقل مستور عن الناس ونحو ذلك] كما تقدّم.
وفي التبيان ومجمع البيان وعندنا أنّ الضمير يعود إلى القرآن ، فلا يجوز لغير الطاهر مسّه حملا للنفي على معنى النهي ونحوه ، ويؤيّد ذلك ما روى (١) عن الصادقين عليهمالسلام أنّ المراد المطهّرون من الأحداث والجنابات ، وأن أخبارهم عليهمالسلام متفقة في المنع لغير الطاهر من المسّ ، وفي بعضها الذي ينبغي أن يعدّ من الصحاح نسب ذلك إلى الآية الشريفة ، فيحرم مسّ كلّ ما صدق عليه أنه قرآن ، سواء في مصحف أو لوح أو جدار أو جلد أو ورق ولو مسودة أو غير ذلك كما هو المشهور عندنا.
نعم قد يتأمل في التشديد والاعراب ونحوه ، وربّما فرق بينهما ، وفيه نظر لا يخفى.
ثمّ لو كان صفة ل (كِتابٍ) للقرب مع بعده فالأظهر إرادة الخطّ والكتابة القرآني مطلقا ، كلا كان أو بعضا ومصحّح الظرفيّة حينئذ استفادة القرآن منه ، ودلالته عليه وهو في المآل كالأوّل أولا مطلقا بل كلا ، وحينئذ فيدلّ على تحريم مسّ كتابة القرآن في المصحف ونحوه ، ولا أعرف منّا قائلاً بهذا الخصوص لكن ربما أمكن أن يقال لا فرق بين ذلك وبين غيره ، إذ الظاهر أنّ المقتضى لذلك كونه خطّ القرآن وكتابته فتأمل.
__________________
(١) انظر الباب ١٢ من أبواب الوضوء من الوسائل وص ٤٣ ج ١ مستدرك الوسائل وص ٨٤ ج ١ من جامع أحاديث الشيعة وراجع أيضا في المسئلة مسالك الافهام ج ١ من ص ٨٢ الى ص ٨٥ وتعاليقنا فان فيها ما قل ان يوجد في الكتب الأخرى.