لو كانوا يصلحون لذلك عند الله ، لما ردّ أفضلهم عن تأدية آيات من كتابه بأمر نبيّه صلىاللهعليهوآله أنّه لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك.
ويؤكّد ذلك ويكشف عن كون البيعة والايتمام منهم أيضا معصية قوله تعالى (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) فلا وجه لتخصيصه أيضا الأنبياء بالعصمة بل الأئمة كذلك.
ج ـ أنه قد استدلّ بعض الأصحاب بكلّ من الآيتين على عصمة الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام نظرا إلى أنّ الظلم إمّا انتقاص الحقّ أو وضع الشيء في غير موضعه ، أو التعدي عن حدود الله كما قال سبحانه (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) ولا شكّ أنّ فعل الصغيرة خروج عن الاستقامة والطاعة ، ونقص للحقّ ووضع للشيء في غير موضعه ، وتعدّ عن حدود الله ، لأنّ حدود الله هي أوامره ونواهيه.
وأيضا الظاهر أنّ تارك حكم الله يكون ظالما عاصيا ، سيّما لو كان من الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام ، وانه لا يتفاوت الحال في ذلك بين الصغيرة والكبيرة ، على انّ جماعة قالوا : الذنوب كلّها كبيرة وإن كان بعضها أكبر من بعض فافهم ومن ذلك يتبيّن انّ تخصيص العصمة بكونها من الكبائر أيضا لا وجه له.
وفي الكشاف : أي من كان ظالما من ذرّيتك لا يناله استخلافي وعهدي إليه بالإمامة ، وإنّما ينال من كان عادلا بريئا من الظلم ، وقالوا في هذا دليل على أنّ الفاسق لا يصلح للإمامة ؛ وكيف يصلح لها من لا يجوز حكمه وشهادته ؛ ولا يجب طاعته ؛ ولا يقبل خبره ، ولا يقدّم للصلاة ، وكان أبو حنيفة يفتي سرّا بوجوب نصرة زيد بن علىّ وحمل المال إليه والخروج على اللصّ المتغلّب المتسمّى بالإمام والخليفة كالدوانيقىّ وأشباهه ؛ وقالت له امرأة أشرت على ابني بالخروج مع إبراهيم ومحمّد ابني عبد الله بن الحسن حتّى قتل ، فقال : ليتني مكان ابنك ؛ وكان يقول في المنصور وأشياعه لو أرادوا بناء مسجد وأرادوني على عدّ آجره لما فعلت ؛ وعن ابن عيينة لا يكون الظالم إماما قطّ ؛ وكيف يجوز نصب الظالم للإمامة ، والامام إنّما هو لكفّ الظلمة ؛