وأيضا فإنّ الخطاب هنا للمؤمنين ، والكلام في تحريصهم ، وبيان مقتضى أحوالهم كما سيأتي إن شاء الله تعالى فلا يناسب التعميم.
على أنّه لا يبعد أن يراد بالموقوت الواقعة في أوقات معيّنة لا يتعدّاها ولو بامداد اقتضاء الايمان ذلك ، والتعليق به ، فلو فهم منه عدم الوجوب على غيرهم بهذا الوجه فلا محذور فتدبّر.
البقرة (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ.)
قيل : بالأداء لوقتها والمداومة عليها ، وقيل : بالمواظبة على فعلها في أوقاتها بجميع شروطها وحدودها ، وإتمام أركانها ، وكأنّ الأمر بذلك في تضاعيف أحكام الأزواج والأولاد لئلّا يلهيهم الاشتغال بهم عنها ، ومن ظاهر عمومها يستفاد وجوب المحافظة على جميع الصلوات إلّا ما أخرجها الدليل ، فلا يبعد الاستدلال بها على وجوب الجمعة والعيدين والآيات ، لكن في بعض الروايات أنّ المراد هو الصلوات الخمس (١) وهو قريب.
وخصّ الصلاة الوسطى بذلك بعد التعميم لشدّة الاهتمام بها ، لمزيد فضلها أو لكونها معرضة للضياع بينها على قول ، فهي الوسطى بين الصلوات أو الفضلي من قولهم للأفضل الأوسط (٢).
فقيل هي الصبح (٣) لتوسّطها بين صلاتي اللّيل وصلاتي النهار ، وبين الظلام والضياء ، ولأنّها لا تجمع مع أخرى ، فهي منفردة بين مجتمعين ، ولمزيد فضلها لحضور
__________________
(١) أخرجه في الدر المنثور عن ابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عمر ج ١ ص ٣٠٠ ونقلوه عن عدة أخر.
(٢) انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج ١ ص ٦٠.
(٣) انظر تفاصيل الأقوال في الصلاة الوسطى في تعاليقنا على كنز العرفان ج ١ ص ٦١ و ٦٢.