قال له حارثة : قد ناديت فأسمعت ، وفزعت فصدعت ، وسمعت وأطعت ، فما هذه الآية التي أوحش بعد الأنسة فقدها ، وأعقب الشك بعد البينة عدمها؟
قال له العاقب : قد أثلجك أبو قرة بها فذهبت عنها في غير مذهب ، وجاورتها فأطلت في غير ما طائل وحاورتنا.
قال حارثة : وإلى ذلك فحلها الآن لي فداك أبي وأمي.
قال العاقب : أفلح من سلم للحق وصدع به ، ولم يرغب عنه وقد أحاط به علما ، فقد علمنا وعلمت من أنباء الكتب المستودعة علم القرون ، وما كان وما يكون ، فإنها استهلت بلسان كل أمة منهم معربة مبشرة ومنذرة بأحمد النبي العاقب ، الذي تطبق أمته المشارق والمغارب.
قالوا : وكان هذا مجلسا ثالثا في يوم ثالث من اجتماعهم للنظر في أمرهم ، فقال السيد : يا حارثة! ألم ينبئك أبو واثلة بأفصح لفظ اخترق أذنا ، ودعا ذلك بمثله مخبرا ، فألقاك مع غرمائك بموارده حجرا ، وها أنا ذا أؤكد عليك التذكرة بذلك من معدن ثالث.
فأنشدك الله وما أنزل إلى كلمته من كلماته ، هل تجد في الزاجرة المنقولة من لسان أهل سوريا إلى لسان العرب ـ يعني صحيفة شمعون بن حمون الصفا التي توارثها عنه أهل النجران ـ؟
قال السيد : ألم يقل بعد بند طويل من كلام : فإذا طبقت وقطعت الأرحام ، وعفت الأعلام ، بعث الله عبده الفارقليطا بالرحمة والمعدلة.
قالوا : وما الفارقليطا يا روح الله؟
قال : أحمد النبي الخاتم الوارث ذلك الذي يصلى عليه حيا ويصلى عليه بعدما يقبضه إليه ، بابنه الطاهر الخائر ، ينشره الله في آخر الزمان بعدما