كتب : «إني قد وضعت عنهم من جزيتهم مائتي حلة لوجه الله»! (١).
ثم إن رجوعهما إلى قومهما كان في بقية من شوال أو ذي القعدة (٢) فأين رجب؟! وأين صفر؟!
فما ذكره الحافظ رفعا للتعارض ساقط.
ولعله من هنا لم تأت هذه الجملة في رواية مسلم ، فقد روى الخبر عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة ، قال : «جاء أهل نجران إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فقالوا : يا رسول الله! ابعث إلينا رجلا أمينا ، فقال : لأبعثن إليكم رجلا أمينا ...» (٣).
ثم إنه قد تعددت أحاديث القوم في «أمانة أبي عبيدة» حتى أنهم رووا بلفظ «أمين هذه الأمة أبو عبيدة» ، وقد تكلمنا على هذه الأحاديث من الناحيتين ـ السند والدلالة ـ في كتابنا الكبير بالتفصيل (٤).
* ابن سعد ، فإنه ذكر تحت عنوان «وفد نجران» : كتب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إلى أهل نجران ، فخرج إليه وفدهم ، أربعة عشر رجلا من أشرافهم نصارى ، فيهم العاقب وهو عبد المسيح ... ودعاهم إلى الإسلام ، فأبوا ، وكثر الكلام والحجاج بينهم ، وتلا عليهم القرآن ، وقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : إن أنكرتم ما أقول لكم فهلم أباهلكم ، فانصرفوا على ذلك.
فغدا عبد المسيح ورجلان من ذوي رأيهم على رسول الله صلى الله
__________________
(١) فتوح البلدان : ٧٧.
(٢) عيون الأثر ٢ / ٢٤٤ ، وغيره.
(٣) صحيح مسلم ٧ / ١٣٩.
(٤) نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار ١١ / ٣١٥ ـ ٣٣٨.